اتفاق التعاون العسكري المغربي الإثيوبي.. ركيزة لتعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي
خديجة بنيس
وقع المغرب اتفاقيات تعاون عسكري مع إثيوبيا، تشمل تعزيز القدرات الدفاعية وتبادل الخبرات العسكرية بين البلدين. هذه الاتفاقيات تأتي في إطار تعميق العلاقات الثنائية وتوسيع التعاون الاستراتيجي، بما يساهم في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.
في هذا السياق صرح الخبير في الشؤون الأمنية عصام لعروسي لموقع “إعلام تيفي” أن العلاقات المغربية مع الدول الإفريقية بشكل عام، ومع دول منطقة القرن الإفريقي بشكل خاص، تحظى بأهمية كبيرة. المغرب أصبح معنيًا بشكل متزايد بتعزيز العلاقات العمودية مع دول إفريقيا، وخصوصًا تلك التي لم تكن لديها علاقات تاريخية كبيرة مع المغرب.
وتعميق العلاقات مع إثيوبيا يأتي في إطار استراتيجية نفعية ينتهجها المغرب لتأكيد وجاهة طرحه فيما يتعلق بالحكم الذاتي والوحدة الوطنية، وهذا أمر طبيعي. بالإضافة إلى ذلك، هناك تنسيق عسكري خاصة في ظل التطور الذي تشهده البنية التحتية العسكرية.
ويعد التعاون العسكري مع دولة إفريقية مثل إثيوبيا، التي تشهدت تقدمًا ملحوظًا على المستوى الديمقراطي والبنية التحتية، أمرًا حيويًا. فإثيوبيا تتشارك مع المغرب نفس الهواجس، خاصة أن اهتمام المغرب يتركز على تأمين منطقة الساحل الإفريقي.
هذه المنطقة أصبحت محط اهتمام بسبب التدخلات الأجنبية والتجاذبات السياسية ، وتزايد نشاط الجماعات الإرهابية والمرتزقة وجماعات الجريمة المنظمة. وبالتالي، فإن التعاون المغربي مع إثيوبيا يأتي في هذا السياق.
في هذا الصدد أكد لعروسي أن التعاون العسكري بين المغرب وإثيوبيا لا يعني أن المغرب يتبنى نفس الموقف الإفريقي فيما يتعلق بالأزمة الطويلة بين إثيوبيا ومصر حول سد النهضة.
وأوضح أنه ورغم بعض الأصوات المعادية التي تسعى للتشويش، فإن المغرب يلتزم دائمًا بمواقفه الثابتة وغير المتغيرة فيما يتعلق بهذه القضية، ويمارس حيادًا إيجابيًا، حيث لم تعبر الدبلوماسية المغربية في أي وقت عن موقف محدد من الصراع حول سد النهضة، وبالتالي فإن العلاقات المغربية المصرية، هي علاقات ثابتة وتاريخية لا يمكن أن تتأثر بالتشويش الإعلامي.
وأوضح لعروسي أن توجه المغرب نحو الدول الإفريقية هو سلوك طبيعي، حيث يُعتبر المغرب حاضنة لدول إفريقيا ورائدًا في المبادرات الإقليمية، والمبادرة الأطلسية خير مثال. هذه المبادرة فتحت الباب أمام العديد من الدول الإفريقية للانفتاح على المحيط الأطلسي، وستساهم في جذب الاستثمارات وإبرام اتفاقيات تعاون على كافة المستويات.
وارتباطًا بتأثير هذا التعاون العسكري على موقف إثيوبيا بشأن قضية الصحراء المغربية، يوضح الخبير عصام لعروسي أنه ربما في إطار تطور العلاقات بين البلدين يمكن أن يشمل هذا الجانب، إلا أنه يجب الإشارة إلى أن سياسة المغرب على المستوى الإفريقي تستند إلى التنمية، والمغرب مدرك لأهمية التعاون المشترك مع الدول الإفريقية لتحقيق التنمية ودفع عجلة الاقتصاد الإفريقي إلى الأمام.
وأشار لعروسي إلى أن المتابع للعلاقات المغربية مع القارة السمراء يلاحظ بوضوح أن المغرب يتعامل مع دول مثل جنوب إفريقيا وناميبيا ونيجيريا وكذلك إثيوبيا خارج منظور قضية الصحراء المغربية. فموقف هذه الدول من القضية لا يمنع المغرب من التعاون معها. وبالتالي، يسلك المغرب المسار الاقتصادي والأمني كمدخل أساسي لتجاوز عقبات الخلاف السياسي.
وأضاف الخبير أن المغرب، عندما اعتمد قضية الصحراء كنظارة ينظر من خلالها إلى علاقاته الثنائية، كان يقصد بذلك بالأساس القوى الكبرى والقوى الغربية بشكل خاص. أما مع الدول الإفريقية، فإن المغرب يتعامل من منطلق التنمية وأدوات الاختراق الناعمة، حيث تتجلى الدبلوماسية في هذا الأساس. وبهذا، فإن تفتيت صخرة الرفض وتقارب العلاقات تنطلق من الحوار المتجدد مع الدول الإفريقية لجعلها تقتنع بمبادرة الحكم الذاتي.