احتجاجات جيل “Z”.. إيقاف 24 شخصًا بتهمة عرقلة الطريق السيار بالدار البيضاء

حسيت العياشي
عرفت مدينة الدار البيضاء مساء الأحد الماضي، أحداثًا مثيرة للجدل بعد أن أقدمت مجموعة من الأشخاص على عرقلة السير بالطريق السيار الداخلي للمدينة، ما تسبب في شلل تام لحركة المرور وأضرار لمستعملي الطريق. النيابة العامة، عبر النائب الأول للوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، عبد اللطيف السعدي، أكدت اليوم الثلاثاء، أن 24 شخصًا تم إيقافهم متلبسين بهذه الأفعال، في خطوة عكست حرص السلطات القضائية على مواجهة أي مساس بحقوق المواطنين الأساسية، وعلى رأسها حرية التنقل.
الأحداث تعود إلى تاريخ 28 شتنبر الحاري، حيث شهدت العاصمة الاقتصادية وقفات احتجاجية لم يتم التصريح بها مسبقًا لدى السلطات المختصة. وخلال هذه التحركات، لجأ بعض المحتجين، بينهم أشخاص ملثمون، إلى إغلاق الطريق السيار الداخلي، وهو ما أدى إلى توقف حركة السير بشكل كامل، وتعريض مستعملي الطريق لخسائر مادية ومعنوية.
وبحسب تصريحات النائب الأول للوكيل العام، فإن عناصر القوة العمومية تدخلت في البداية لحث هؤلاء الأشخاص على فتح الطريق، غير أن دعواتها قوبلت بالرفض والتعنت، ما استدعى تدخل الشرطة القضائية المختصة التي قامت بمعاينة الأفعال وتحرير محاضر رسمية.
الموقوفون، الذين تم ضبطهم في حالة تلبس، وُضع منهم 18 راشدًا تحت تدابير الحراسة النظرية، فيما أُخضع 6 قاصرين لإجراءات الاحتفاظ وفق الضوابط القانونية الخاصة بالأحداث.
النيابة العامة، وبعد استكمال الأبحاث، قررت إحالة الملف على قاضي التحقيق. وتم توجيه ملتمس بفتح تحقيق مع الرشداء، بتهم عرقلة سير الناقلات بغرض تعطيل المرور ومضايقته، إضافة إلى استهلاك المخدرات بالنسبة لبعضهم، مع التماس إيداعهم السجن. أما القاصرون فقد أحيلوا على المستشار المكلف بالأحداث للنظر في وضعيتهم القانونية.
وشدد عبد اللطيف السعدي، على أن ما وقع لا يدخل في إطار التعبير السلمي المشروع، بل يُعد فعلًا مجرمًا بمقتضى القانون الجنائي المغربي، الذي يعاقب بشدة كل من يعرقل حرية المرور أو يعتدي على الحق في التنقل. وأضاف أن النيابة العامة، وهي حريصة على ضمان ممارسة المواطنين لحقهم في الاحتجاج والتعبير، فإنها حريصة بالقدر نفسه على حماية النظام العام والحقوق الأساسية لمستعملي الطريق.
الحادثة تفتح مجددًا النقاش حول الاحتجاجات غير المصرح بها في المغرب، ومدى تأثيرها على السلم الاجتماعي والنظام العام. فبينما ينص الدستور المغربي في فصله 29 على الحق في الاجتماع والتجمهر السلمي، يفرض القانون التنظيمي ضرورة التصريح المسبق بهذه الأنشطة ضمانًا للتنسيق وحماية الأمن. لكن، في المقابل، تتزايد حالات اللجوء إلى وقفات غير منظمة تعرّض المشاركين والمواطنين على حد سواء لمخاطر قانونية وأمنية.
رسالة النيابة العامة كانت واضحة: الحق في الاحتجاج مكفول، لكن داخل إطار القانون. أما الخروج عن هذا الإطار، وخصوصًا حين يصل الأمر إلى عرقلة الطرق السيّارة وتعطيل مصالح وحريات الآخرين، فإنه لن يُقابل إلا بالصرامة والاحتكام إلى القانون، حمايةً للنظام العام وضمانًا لتعايش سلمي يحترم الحقوق المتبادلة.





