ارتفاع معدل البطالة في المغرب يسائل نجاعة سياسات الحكومة في خلق مناصب الشغل

خديجة بنيس: صحافية متدربة

أفادت المندوبية السامية للتخطيط أن معدل البطالة بلغ 13,1 بالمائة خلال الفصل الثاني من 2024، أي سجلت ارتفاع بـ0,7 نقطة مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية.

من جانبه أكد بنك المغرب في تقريره السنوي أن سوق الشغل شهد تدهورًا ملحوظًا في عام 2023، حيث فقد عدد كبير من مناصب العمل، وانخفض معدل النشاط بشكل كبير، وارتفعت نسبة البطالة بشكل ملحوظ إلى 13 بالمائة. وأشار التقرير إلى أن قطاع الفلاحة سجل خسارة جديدة قدرها 202 ألف منصب شغل، مما قلص حصته في التشغيل الإجمالي إلى 27.8%. في المقابل، أحدث قطاع الخدمات 15 ألف منصب شغل فقط، مقارنة بـ 164 ألفًا في السنة السابقة. كما بقيت دينامية التشغيل في قطاع الصناعة، بما في ذلك الصناعة التقليدية، ضعيفة.

تفاعلًا مع الموضوع، أوضح بدر الزاهر الأزرق، الخبير في قانون الأعمال والاقتصاد، أن البطالة في المغرب مرتبطة بعدد من القطاعات الاقتصادية. وقال إن مستويات البطالة في السنوات السابقة كانت تتراوح بين 9 و12%، إلا أن النسبة الحالية سجلت مستوى غير مسبوق بلغ 14%.

وأشار الأزرق إلى أن هذه المؤشرات يجب أن تُقرأ في سياق الاقتصاد المغربي الذي يهيمن عليه القطاعان الفلاحي والخدماتي بشكل كبير، فقد أدى تراجع القطاع الفلاحي، بسبب موجة الجفاف التي ضربت البلاد، إلى ارتفاع كبير في نسبة البطالة، خاصة في المناطق القروية، ورغم أن بعض القطاعات، مثل السياحة، قد شهدت انتعاشًا وأدت إلى تحسين دينامية الأداء، إلا أن هذا التحسن لم يكن كافيًا لخفض البطالة إلى مستوياتها السابقة.

وأضاف الأزرق  في تصريح لموقع “إعلام تيفي” أن السنة الماضية كانت صعبة على القطاع الفلاحي، مما أثر بشكل كبير على القطاعات الأخرى وتسبب في إفلاس العديد من المقاولات.

وتوقع بدر الزاهر أن تحقق سنة 2024 نموًا متوسطا يتراوح بين 3.5 إلى 4%، مع إمكانية تعويض النشاط السياحي للأضرار التي لحقت بالقطاع الفلاحي. كما توقع أن يستوعب القطاع الصناعي جزءًا من البطالة الناجمة عن تراجع الفلاحة.

وأشار إلى أن قطاع العقار عانى أيضا من صعوبات في التسويق نتيجة أزمة التضخم ورفع بنك المغرب لأسعار الفائدة المديرية مما أثر بشكل كبير على إقبال الأسر المغربية على العقار مما أدى إلى فقدان وظائف كثيرة في هذا القطاع.

وأفاد الخبير في قانون الأعمال والاقتصاد، أنه مع عودة بنك المغرب إلى تخفيض سعر الفائدة المديرية، ومن المتوقع أن يستمر في هذا التوجه خلال الدورة المقبلة، وفي ظل استمرار تحسن النشاط السياحي وارتفاع الأداء الصناعي، يمكن تعويض النقص الذي سببه ضعف أداء القطاع الفلاحي، وبالتالي، يُمكن أن تسجل نسبة البطالة مستوى متوسطًا.

من جانبه أفاد عبد الرحيم شهيد رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس النواب  في تصريح سابق لموقع “إعلام تيفي” أن ارتفاع معدل البطالة إلى هذه النسب غير المسبوقة، راجع بالأساس إلى تعثر وضعف الأداء الحكومي على مستوى تنفيذ الالتزامات التي ضمنتها في برنامجها الحكومي، وأشار أن الحكومة قد التزمت بإحداث مليون منصب شغل صافي على الأقل، إلا أن الواقع يظهر أن الحجم الإجمالي للشغل تراجع ب 24.000 منصب شغل سنة 2022 وب 80.000 منصب شغل سنة 2023.

وبالتالي فإنه في ظل هذا الارتفاع الذي يسجله معدل البطالة في المغرب، تثار تساؤلات حول نجاعة البرامج الحكومية المخصصة لخلق مناصب الشغل، ونذكر من بين هذه البرامج؛ برنامج “فرصة” الذي يهدف إلى دعم ريادة الأعمال من خلال تمويل مشاريع صغيرة وكذا برنامج “أوراش” الذي يركز على توفير فرص عمل في مشاريع البنية التحتية والتنمية المحلية.

هذه الأوراش مازالت تعيش تحديات قائمة تحول دون تنزيلها على أرض الواقع كما هو مخطط لها في برامج  الحكومة، مما يستدعي مراجعة شاملة لضمان توافق هذه البرامج مع احتياجات الأسوق المحلية ومتطلبات التنمية الاقتصادية.

زر الذهاب إلى الأعلى