الأتاي..تراث  هوية  ثقافة وكرم يعزز روح الروابط بين الأفراد

 

خديجة بنيس: صحافية متدربة

استوردت المملكة المغربية ما قيمته 123.5 مليون دولار أمريكي من الشاي الصيني خلال الفترة الممتدة بين يناير ويوليوز من السنة الجارية، لتحتل بذلك صدارة أكبر مستوردي الشاي من جمهورية الصين الشعبية، وفقاً لبيانات حديثة صادرة عن إدارة الجمارك الصينية ونقلتها وكالة “إنرفاكس” الروسية.

يحتل الشاي مكانة خاصة في المجتمع المغربي، حيث يعتبر جزءاً لا يتجزأ من الثقافة والتقاليد اليومية. الشاي الأخضر المغربي، أو “أتاي”، رمز للضيافة والترابط الاجتماعي. يقدم في المناسبات العائلية والاجتماعات وحتى في الحياة اليومية، مع النعناع الطازج في كؤوس صغيرة، ليعكس الدفء والكرم المغربي.

يقدم  الشاي في الثقافة المغربية في “الصينية”، يجتمع حولها أفراد العائلة ويخلق لحظات من الألفة والتواصل.

الصينية تجسد الأصالة والدفء الاجتماعي في الحياة المغربية، فالصينية المزخرفة تقدم عليها أكواب الشاي وإبريقه، تعد واحدة من الرموز المغربية التقليدية. وجودها في جلسات الشاي يعكس الروح الجماعية والتراث العريق، حيث يعتبر إعداد الشاي وتقديمه فناً تقليدياً ينتقل بين الأجيال.

وتأتي واردات المغرب الكبيرة من الشاي، خاصة من الصين، لتلبية الطلب المتزايد على هذا المشروب، الذي يُستهلك بشكل واسع في كافة المناطق المغربية.

في كتابه من الشاي إلى الأتاي”، يقدم الكاتب والمؤرخ المغربي عبد الأحد السبتي نظرة معمقة حول تاريخ الشاي في المغرب وتطوره من مجرد سلعة مستوردة إلى رمز ثقافي واجتماعي راسخ.

يستعرض الكتاب رحلة دخول الشاي إلى المغرب في القرن الثامن عشر عبر التجار الأوروبيين، وكيف تحول هذا المشروب من سلعة فاخرة تستهلكها الطبقات الراقية إلى جزء أساسي من الحياة اليومية لجميع فئات المجتمع المغربي.

يُبرز السبتي في مؤلفه أهمية أتاي ليس فقط كمشروب، بل كجزء من الهوية المغربية وطقس يومي يعكس قيم الضيافة والكرم.

كما يشرح كيف أن تقديم الشاي في “الصينية” يعتبر طقساً اجتماعياً يرمز إلى الوحدة والترابط الأسري، الكتاب يسلط الضوء على هذا التحول الثقافي والاجتماعي، ويحلل العادات والتقاليد التي ارتبطت بشرب الشاي، مما يجعله مرجعاً مهماً لفهم هذا المشروب في سياق الثقافة المغربية.

من خلال هذا الكتاب، يتمكن القارئ من التعرف على أبعاد جديدة للشاي المغربي، وكيف أصبح جزءاً من التراث الوطني الذي يجمع بين الماضي والحاضر، ويعزز من الهوية المغربية.

أصبح الأتاي المغربي مشهوراً على مستوى العالم، حيث أصبح رمزاً من رموز المملكة المغربية التي تترك بصمتها في الساحة العالمية. يُعتبر “البراد”  و”الصينية” من العناصر الأساسية التي تمثل المغرب وتعكس تقاليد الضيافة والكرم العريق.

“البراد”، وهو الإبريق المعدني المزخرف الذي يُعدّ فيه الأتاي، و”الصينية”، التي تُقدّم عليها أكواب الشاي، يجسدان الفن التقليدي المغربي في تقديم الشاي.

وتعكس هذه الرموز الجميلة كيف أن الأتاي ليس مجرد مشروب، بل هو تعبير عن ثقافة غنية وتجربة اجتماعية فريدة، تشهد على التقاليد المغربية وتساهم في تعزيز مكانة المغرب على المستوى العالمي.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى