الأدوية بالمغرب.. أسعار ملتهبة ومجلس المنافسة يدق ناقوس الخطر

حسين العياشي
كشف مجلس المنافسة في تقريره السنوي عن واحدة من أكثر القضايا حساسية بالنسبة للمغاربة: سوق الأدوية، حيث ما تزال الأسعار مرتفعة بشكل يرهق الأسر، في غياب إصلاحات عميقة تضمن التوازن بين حق المواطن في العلاج ومصالح الفاعلين الصناعيين.
التقرير أشار إلى أن المغرب يسجل واحداً من أعلى مستويات أسعار الأدوية في المنطقة، إذ قد يصل سعر بعض الأدوية الأساسية إلى ضعف أو ثلاثة أضعاف ثمنها في أسواق قريبة مثل تونس أو مصر. ويعود ذلك، حسب المجلس، إلى غياب منافسة فعلية بين الشركات، وضعف حضور الأدوية الجنيسة، التي لا تتجاوز حصتها السوقية 30%، مقابل نسب أعلى بكثير في بلدان مماثلة.
كما انتقد المجلس بطء مساطر تسجيل الأدوية الجديدة، وغياب آليات شفافة لتحديد الأسعار. هذه الوضعية تجعل السوق محكوماً بمصالح شركات قوية، تتحكم في سلاسل الإنتاج والتوزيع، وتترك المواطن أمام خيارات محدودة وأسعار تثقل كاهله. الأمر لا يقف عند المواطنين فقط، فحتى صندوق التأمين الصحي يجد نفسه أمام أعباء مالية متزايدة نتيجة هذا الغلاء، ما يهدد ديمومة المنظومة الصحية برمتها.
ولم يخف مجلس المنافسة قلقه من محدودية السياسات العمومية في هذا المجال، داعياً إلى تسريع إدماج الأدوية الجنيسة بشكل أكبر، واعتماد إصلاح شفاف ومرن لتحديد الأسعار، يراعي القدرة الشرائية للمواطنين من جهة، ويحفز الاستثمار والابتكار في الصناعات الدوائية من جهة أخرى.
الرسالة واضحة: لا يمكن الحديث عن عدالة اجتماعية أو نجاح للورش الملكي في تعميم الحماية الصحية دون خفض أسعار الأدوية وضمان ولوج الجميع للعلاج. الإصلاح هنا ليس ترفاً، بل قضية حياة أو موت لآلاف الأسر المغربية التي تصارع يومياً من أجل اقتناء دواء أساسي.





