
فاطمة الزهراء ايت ناصر
تقدم الحكومة نفسها اليوم باعتبارها الأكثر جدية في التعاطي مع ملف الأمازيغية، وتفاخر، عبر قيادات حزب التجمع الوطني للأحرار، بتخصيص ميزانيات مهمة لإدماج اللغة الأمازيغية داخل الإدارة والقطاعات العمومية.
في هذا السياق، قال يوسف شيري، عضو المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار، في كلمة له بلقاء مسار الإنجازات بمدينة الرشيدية، بحضور رئيس الحكومة ووزراء الحزب، أن هذه الحكومة تعد الوحيدة التي تعاملت بجدية ومسؤولية مع ملف الأمازيغية، حيث وفرت لهذا الورش ميزانية تناهز مليار درهم، مخصصة لإدماج اللغة الأمازيغية في مختلف القطاعات الحكومية والإدارية، تنزيلا لمقتضيات الدستور وتفعيلا للاختيارات الوطنية في مجال التنوع الثقافي واللغوي، بعيدا عن منطق الشعارات والاستغلال السياسوي.
في المقابل، ترسم المنظمات الأمازيغية صورة مغايرة تماما، خصوصا داخل المنظومة التربوية، فبعد أكثر من ربع قرن على إطلاق ورش إدماج الأمازيغية، ما يزال تدريسها خاضعا لاجتهادات الإدارات المحلية، ومتوقفا على إرادة بعض المديرين والأساتذة، بدل أن يكون سياسة عمومية ملزمة وواضحة.
وحسب متابعين، هذا التناقض بين خطاب الجدية والمسؤولية وبين واقع الارتباك المؤسساتي يكشف فجوة عميقة بين النصوص والتطبيق.
الأخطر في الأمر أن القانون التنظيمي رقم 26.16، الذي يفترض أن يشكل المرجعية القانونية لتنزيل الطابع الرسمي للأمازيغية، ظل إلى حد كبير حبرا على ورق.
وتعتبر المنظمات تعميم تدريس الأمازيغية، الذي كان يجب أن يتم بشكل تدريجي ومنظم، تعثر بسبب غياب رؤية تنفيذية واضحة، واستمرار إقصاء خريجي شعبة الدراسات الأمازيغية من المسارات المهنية الطبيعية، وحرمانهم من ولوج مراكز التكوين بشروط عادلة تحترم تخصصهم.
ويزداد هذا التناقض حدة عندما تغيب الأمازيغية عن مشاريع حكومية كبرى مثل مدارس الريادة، التي تقدم على أنها نموذج للإصلاح التربوي.
وعدم إدراجها ضمن الأدوات والمواد البيداغوجية الخاصة بالدعم والتكوين الموجهة لمختلف المستويات التعليمية.
وأبرزت الهيئات استمرار توجيه أساتذة الأمازيغية لتدريس مواد أخرى غير اختصاصهم، على الرغم من الخصاص المسجل في موارد التدريس المتخصصة، وهو ما اعتبرته عاملا إضافيا يعطل تنفيذ التزامات الدولة في هذا المجال.
ويرى متابعين ان المفارقة الكبرى اليوم هي أن الأمازيغية تحظى بمكانة قوية داخل الخطاب السياسي الرسمي، لكنها ما تزال ضعيفة داخل الفصول الدراسية.





