الإخفاق الركراكي فرصة لمد جسر العزم على النهوض أقوى

بشرى عطوشي

ليس الفشل نهاية الطريق ولم يكن أبدا عائقا أمام تقديم العطاء والبحث عن نقطة أخرى نحو الفوز والنجاح..أن يفشل فريق أسود الأطلس وقائدهم في تحقيق ما كنا نمني النفس به، وما كان الطرفان بدورهما يطمحان إليه، لا يعطي لأحد الحق في أن يلوم الآخر على عدم تحقيق حلم نراه قريبا ويبعد تحقيقه بمسافات لأسباب نعلمها وأخرى نجهلها..

قد تبدو هذه التوطئة فلسفة لا علاقة لها بالصورة الحزينة للملايين من المغاربة بسبب هزيمة المنتخب المغربي لكرة القدم أمام نظيره جنوب الإفريقي في منافسات الكان 2023، ولا علاقة لها بما يشعر به كل عضو في فريق وليد الركراكي ولا ما يمر به هذا الأخير من إحباط بسبب ما يعزوه هو إلى مسؤوليته في هذه الهزيمة، لكنها السلوى الوحيدة أيضا لتقبلنا هذا الخروج المبكر واللا متوقع لأسود الأطلس من منافسات كأس إفريقيا 2023.

أولاد وليد الركراكي في المباريات السابقة أعطوا الكثير وقدموا الكثير للمغرب، أدخلوا الفرحة على قلوبنا مرات عدة، جعلونا نتابع مباريات كرة القدم، بعد أن كنا أضربنا عن مشاهدة مباريات بحجم مباريات كأس العالم أو كأس الأمم الإفريقية، وبعد أن كنا لا نعرف حتى أسماء لاعبينا بالمنتخب المغربي، ولا يمكن أن ننكر كيف كنا نتوجه لله بأن يعين لاعبينا وقائدهم، ولا يمكن أن نأسف على خروج منتخبنا من هذه المنافسات الإفريقية، لأننا لازلنا نحتفظ للاعبي المنتخب وقائدهم بالصورة الجميلة التي جمعتهم وأمهاتهم بجلالة الملك محمد السادس، ولن ننسى كيف كون الناخب المغربي الشاب وليد الركراكي فريقا متخلقا وحلقات سلسلته متكاملة، ونقص واحدة منها يشكل فراغا واضحا في هذه السلسلة.

لا بد أن الجميع بالأمس كان شاهدا على كيف كان لغياب اللاعبين زياش و بوفال، وقع كبير على اللاعبين الذين خاضوا المباراة، وخصوصا اللاعب أشرف حكيمي، ولا بد أن العديد من المتابعين للمباراة، كانوا غاضبين من الطريقة التي كان يدير بها  الحكم السوداني في بداية الشوط الأول للمباراة، وكيف كان مقصرا في الحد من اعتداءات لاعبي الفريق الخصم، على لاعبي منتخبنا المغربي.

صحيح أن غصة ما نسميه “هزيمة” لازالت تخنقنا، صحيح أن الملايين من المغاربة ليلة أمس صدموا لمستوى لعب المنتخب المغربي أمام نظيره الجنوب إفريقي، وصحيح أيضا أننا فوجئنا بخروج الجزائريين “الإشقاء”  إلى الشوارع تعبيرا عن فرحتهم بهذا الإقصاء، لكن نبقى كمغاربة متشبثين بأصلنا الجميل، لا ننكر فضل من منحنا الفرحة يوما وأدخل إلى بيوتنا السرور، ورفع راية بلدنا في محافل دولية عدة.

إن الهزيمة القاسية التي مني بها المنتخب الوطني المغربي الأول لكرة القدم يوم أمس الثلاثاء أمام نظيره المنتخب الجنوب إفريقي بنتيجة هدفين دون مقابل، برسم دور ثمن نهائي كأس أمم إفريقيا، تسببت في انقسام كبير وسط الشارع الرياضي المغربي بين مؤيد ومعارض لبقاء وليد الركراكي على رأس العارضة الفنية للأسود.

وطلب الناخب الوطني وليد الركراكي، استقالته شفويا من فوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، مباشرة بعد الندوة الصحفية التي عقبت المباراة التي جمعت بين المنتخبين المغربي والجنوب إفريقي، وذلك بعدما اعتبر نفسه هو المسؤول الأول عن الإقصاء المبكر من نهائيات كأس أمم إفريقيا المقامة حاليا بدولة الكوت ديفوار، وقوبل هذا الطلب برفض فوزي القجع حسب ما تردد من أخبار.

صحيح أن الإخفاق الأخير للعناصر الوطنية في كأس أمم إفريقيا خلال نسختها الحالية، صحيح أنه شكل صدمة قوية لدى جميع الفعاليات الرياضية والجماهير المغربية إلا أنه لن يكون سببا في إقالة الناخب الوطني الحالي الذي حقق في الأمس القريب إنجازا تاريخيا وغير مسبوق خلال نهائيات كأس العالم (قطر 2022).

إن التجارب السابقة التي شهدها المنتخب الوطني مع مدربين أجانب كانت مليئة بالهزائم ونكبات الإقصاء في كل المحافل الدولية، وتتطلب التفكير مليا بأن الناخب الوطني وليد الركراكي أنسى الجماهير الرياضية مرارة تلك التجارب.

وفي الأخير وعود على بدء، إن الهزيمة أو الفشل، لا بد وأن تكون نقطة بداية لتصحيح الأخطاء المرتكبة والبحث عن مكامن القوة والرفع من مستوى الإدراك حتى يمكن تجاوز الصعوبات بسهولة.

مجرد رأي

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى