الائتلاف المغربي يحذر من انهيار المدرسة العمومية أمام صعود التعليم الخصوصي

حسين العياشي

أعرب الائتلاف المغربي للتعليم للجميع عن قلق عميق مما آلت إليه أوضاع المدرسة العمومية بالمغرب، معتبراً أن مشاريع الإصلاح التربوي المعلن عنها في إطار الرؤية الاستراتيجية والقانون الإطار لم تترجم بعد إلى واقع ملموس داخل الفصول الدراسية. فحسب الائتلاف، ما زال التعليم العمومي يعيش على وقع اختلالات بنيوية تنعكس بشكل مباشر على جودة التعلم وتكافؤ الفرص بين أبناء الوطن.

يشير الائتلاف إلى أن الفجوة تتسع يوماً بعد يوم بين التعليم العمومي والخصوصي، في ظل دعم غير متكافئ يوجه لهذا الأخير على حساب المدرسة العمومية. هذا الواقع، يقول التقرير، فاقم من معاناة الأسر ذات الدخل المحدود، خصوصاً في ضواحي المدن الكبرى كـالرباط والدار البيضاء، حيث دفعت الظروف الاقتصادية الصعبة وتدهور الخدمات التعليمية ببعض العائلات إلى الانتقال القسري، ما أحدث اضطراباً في مسار العديد من التلاميذ وعمّق أزمة الاستقرار الدراسي.

وفي سياق متصل، سجل الائتلاف بطئاً مقلقاً في تنفيذ الخطط التشريعية والتنظيمية المرتبطة بالإصلاح، إلى جانب نقص حاد في الموارد البشرية داخل مؤسسات التعليم العمومي. هذا الخصاص، يضيف التقرير، يترافق مع ضعف تكوين الأطر التربوية، سواء في مرحلة الإعداد أو في التكوين المستمر، مما ينعكس على أداء المعلمين وقدرتهم على مواكبة المستجدات التربوية والتكنولوجية. أما الفصول الدراسية، فتعاني من الاكتظاظ إلى حد يعيق العملية التعليمية نفسها، بينما تواجه بعض “مدارس الريادة” صعوبات في تحقيق الأهداف التي أنشئت من أجلها.

كما نبه الائتلاف إلى أن المناهج الدراسية الحالية لم تعد تواكب التحولات التكنولوجية الكبرى التي يعرفها العالم، خاصة في مجالات الرقمنة والذكاء الاصطناعي. فضعف التجهيزات التقنية وعدم تأهيل الأطر لمواكبة هذا التحول يضع التلاميذ المغاربة في موقع متأخر مقارنة بنظرائهم في دول أخرى.

من جانب آخر، عبّر الائتلاف عن استيائه من غياب التفاعل الجدي من طرف وزارة التربية الوطنية مع مطالب “جيل 2″، التي رُفعت في احتجاجات سلمية منذ نهاية شتنبر الماضي، معتبراً أن هذا التجاهل يعكس غياب إرادة سياسية حقيقية لإنجاح الإصلاح التربوي المنتظر.

وأمام هذا المشهد، دعا الائتلاف المغربي للتعليم للجميع إلى تحرك عاجل يعيد الاعتبار للمدرسة العمومية، بدءاً بتوفير ميزانية كافية لتفعيل مشاريع الإصلاح على أرض الواقع، ومعالجة الأسباب الجوهرية التي تقف وراء تدهور القطاع. وطالب بتقليص الدعم الموجه للتعليم الخصوصي وتنظيمه بما يضمن العدالة ويمنع استغلال الأطر التربوية العمومية داخله. كما شدد على ضرورة توفير بيئة مدرسية آمنة وخالية من العنف، إلى جانب تحسين البنية التحتية للقاعات الدراسية وتشييد مؤسسات جديدة للحد من الاكتظاظ وضمان جودة التعليم.

وأكد الائتلاف في ختام تقريره أن إصلاح التعليم بالمغرب لن يتحقق إلا عبر رؤية شمولية وإرادة سياسية صادقة تضع المتعلم في قلب العملية التعليمية، وتجعل من المدرسة العمومية فضاءً للارتقاء الاجتماعي والمعرفي، يضمن تعليماً مجانياً، منصفاً، ودامجاً، قادراً على إعداد أجيال قادرة على الإبداع والمواكبة في عالم سريع التحول.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى