الاحتقان يتصاعد داخل المكتب الوطني للاستشارة الفلاحية.. والنقابة تُحذر من “انفجار وشيك”

حسين العياشي
تتسارع وتيرة الاحتقان داخل المكتب الوطني للاستشارة الفلاحية بالجنوب، في مشهد يعكس عمق الأزمة التي يعيشها القطاع منذ سنوات، وسط تصاعد موجة الغضب في صفوف الأطر النقابية المنتمية للاتحاد المغربي للشغل. هذه الأطر تتهم الإدارة بما تصفه بـ”التسيّب الإداري والعبث في تدبير الموارد البشرية”، معتبرة أن ما يجري هو استمرار لنهج قديم يعيد إنتاج نفس الممارسات التي ساهمت في تأزيم الوضع التنظيمي داخل المؤسسة.
تؤكد مصادر مهنية من داخل المكتب أن حالة الغليان الأخيرة لم تأتِ من فراغ، بل تفجّرت عقب فشل جولة جديدة من الحوار مع الإدارة المركزية، رغم الوعود السابقة التي قطعها المدير العام لوضع حدّ لما وصفته النقابة بـ”سنوات من الحيف والتضييق على المناضلين النقابيين”. وتشير هذه المصادر إلى أن عدداً من الموظفين في المديريات الجهوية بكلميم والداخلة والعيون يعيشون أوضاعاً إدارية معقدة، بسبب ما يعتبرونه استمراراً لـ”نفوذ الحاشية القديمة” التي راكمت امتيازات واسعة في عهد المدير السابق، في حين لم تُبدِ الإدارة الحالية حَزماً كافياً لتصحيح الاختلالات المتراكمة.
وتشتكي الأطر النقابية من غياب الشفافية في التعيينات والتنقيلات وتدبير المنح والمساكن الإدارية، وهو ما عمّق الإحساس بالغبن داخل صفوف الموظفين، خصوصاً التقنيين والإداريين العاملين في المناطق الجنوبية، الذين يرون أن معايير الكفاءة والاستحقاق لم تعد حاضرة في القرارات الإدارية.
وفي خضم هذا التوتر، عقد المكتب الجهوي للجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي، المنضوي تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل، اجتماعاً في 28 أكتوبر الجاري، عبّر خلاله عن “استنكاره الشديد لتحميل المناضلين النقابيين مسؤولية الاحتقان القائم”، مذكّراً بأن هؤلاء “كانوا ضحايا مرحلة سابقة اتسمت بالجبروت الإداري والانتقائية في تدبير الشأن المهني”.
وأكد المكتب النقابي في بيانه أنه قرر تعليق احتجاجاته مؤقتاً في انتظار مآلات الحوار الجاري مع المديرين الجهويين، لكنه في الوقت ذاته حمّل المدير العام للمكتب كامل المسؤولية عن استمرار التوتر وعن عدم تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة لفائدة الموظفين المتضررين. وشدّد البيان على أن سلطة الإدارة في التعيين والإعفاء “ليست مطلقة”، وأنها يجب أن تُمارس في إطار القانون والإنصاف والحياد، دون مساس بالحقوق النقابية المكفولة دستورياً.
كما جدّد المكتب النقابي تمسّكه بالعمل النقابي الحر، ورفضه لأي شكل من أشكال التضييق على المناضلين، مؤكداً استعداد الأطر النقابية في الجهات الجنوبية الثلاث لاستئناف خطواتهم النضالية في حال تبيّن أن الحوار الدائر “شكلي أو غير جاد”. ودعا البيان كافة الأطر إلى التماسك والالتفاف حول جامعتهم لمواصلة الدفاع عن الحقوق المشروعة داخل المؤسسة.
يُذكر أن اللقاء الذي جمع المدير العام للمكتب الوطني للاستشارة الفلاحية بالكاتب الوطني للجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي، منتصف أكتوبر الماضي، لم يُفلح في تهدئة الأوضاع رغم ما طُرح فيه من وعود بإعادة النظر في عدد من الملفات العالقة وتحسين المناخ التنظيمي. ومع تعثّر الحوار واستمرار تبادل الاتهامات بين الإدارة والنقابة، يبدو أن أزمة المكتب الوطني للاستشارة الفلاحية مرشحة لمزيد من التصعيد، ما لم تُتخذ إجراءات ملموسة تعيد الثقة إلى العاملين وتضع حداً لسنوات من التوتر المتراكم.





