الاستوزار بين الصورة والمسؤولية: وزيرة النعومة والنسيان الرسمي للأشخاص في وضعية صعبة

فؤاد يعقوبي*
*مختص في علم النفس الإجتماعي في السياق المغربي
في زمن تختزل فيه أدوار المسؤولية في جلسات تصوير وبلاغات بروتوكولية، يزداد قلق المهتمين بالشأن الاجتماعي حول جدية التعاطي الرسمي مع القضايا الحساسة، وعلى رأسها وضعية الأشخاص في وضعية هشاشة، داخل مؤسسات الرعاية الاجتماعية.
وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، والتي تقدم نفسها تحت شعار “الوزبرة الناعمة”، حولت منصبها إلى واجهة ترويجية على وسائل التواصل الاجتماعي، بدل أن تجعله منطلقا فعليا لإحداث تحول في السياسات العمومية الاجتماعية، وهو ما كان مأمولا من موقع بهذا الحجم والحساسية.
في هذا السياق، قام فريق من الباحثين المتخصصين في علم النفس الاجتماعي، من ضمنهم شخصي، بزيارات ميدانية لمجموعة من دور الرعاية الخاصة بالأشخاص المسنين في مدينة الرباط، وذلك في إطار عمل علمي تحليلي رصين. وأسفرت هذه الزيارات عن ملاحظات مقلقة، أبرزها:
رصد اختلالات هيكلية في تسيير هذه الدور؛
ضعف تكوين وكفاءة عدد من الأطر المشرفة؛
غياب أدنى مقومات المعاملة الإنسانية؛
تجريد العديد من النزلاء من كرامتهم وانتمائهم الإنساني.
إيمانا منا بأن التغيير يبدأ من الفعل الميداني، وليس من الصور، بادرنا بإعداد تصور أولي لشراكة استراتيجية مع الوزارة المعنية، وفعلا، تم اللقاء مع السيدة الوزيرة، وأُخذت الصور، وتمت الإشادة بالمبادرة. بعد ذلك، تم التواصل مع مدير ديوان الوزيرة د، وأُرسلت إليه مسودة الشراكة الأولية، دون أن نتلقى أي رد أو تفاعل، رغم المحاولات المتكررة. كذلك، تم التواصل مع السيدة المكلفة بالبرامج الاجتماعية التي كانت قد أبدت اهتماما شخصيا بالمبادرة، دون جدوى.
المؤلم في هذه التجربة أن نكتشف مرة أخرى أن المسؤولية تختزل في الظهور الإعلامي، وأن قضايا الفئات الهشة، التي يفترض أن تكون في صلب العمل الوزاري، لا تجد آذانا صاغية ولا إرادة حقيقية للإنصات والتعاون.
نحن، كباحثين ومهنيين في الحقل النفسي الاجتماعي، لا نبحث عن أضواء بل نطالب فقط بالاحترام والتفاعل الجدي مع مبادرات تهدف إلى بناء مجتمع أكثر عدالة وإنصافا للفئات التي لا صوت لها.
فهل ستظل #الوزيرة #الناعمة عنوانا للتجميل الإعلامي؟ وتغييب العمل الجاد؟