البلاوي: “العقوبات البديلة ليست مجرد خيار قانوني بل التزام حضاري لحماية الأطفال”

إعلام تيفي-بلاغ
أكد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، هشام البلاوي، خلال كلمته في اللقاء الوطني المنظم يومي 21 و22 يوليوز 2025 بقصر المؤتمرات بالصخيرات، حول موضوع “تنزيل العقوبات البديلة في ضوء العدالة الصديقة للأطفال”، أن تنزيل القانون 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة يُعد تحولاً نوعياً في مقاربة عدالة الأحداث، مؤكداً على ضرورة الموازنة بين تطبيق القانون والمصلحة الفضلى للطفل.
وأوضح البلاوي، أن هذا اللقاء يندرج في إطار التعاون بين رئاسة النيابة العامة ومنظمة اليونيسف، وهو مناسبة لفتح نقاش موسع يضم مختلف المتدخلين الرسميين وغير الرسميين حول أنجع السبل لتفعيل العقوبات البديلة، بما يحقق العدالة الإصلاحية للأطفال في تماس مع القانون.
وأشار رئيس النيابة العامة إلى أن المغرب، انسجاماً مع التزاماته الدولية، اختار مقاربة قائمة على حماية الأطفال بدل زجرهم، خاصة أن الطفولة تُعد “رأسمالاً لا مادياً” وجب الاستثمار فيه لبناء مجتمع قوي ومتماسك، حسب ما تضمنته التوجيهات الملكية السامية. وكشف أن العدالة الصديقة للطفل تقتضي اعتماد تدابير تحفظ للطفل ارتباطه بأسرته وتضمن له إعادة الإدماج، بدلاً من اللجوء المباشر إلى الإيداع بالمؤسسات السجنية.
وشدد البلاوي على أن العقوبات البديلة، وعلى رأسها العمل لفائدة المنفعة العامة والمراقبة القضائية، ليست فقط وسائل للحد من الاكتظاظ السجني، بل تُعد حلولاً إنسانية وأخلاقية تنسجم مع قواعد الأمم المتحدة “بكين” وتعليق لجنة حقوق الطفل بالأمم المتحدة لعام 2007، والتي تؤكد على أولوية عدم الاحتجاز إلا كخيار أخير.
وأكد المسؤول القضائي أن الفلسفة التي تنبني عليها هذه المقاربة، تتطلب تظافر جهود كل المتدخلين من قضاة وأخصائيين اجتماعيين وقطاعات حكومية ومجتمع مدني، من أجل بناء بيئة قانونية دامجة توفر الحماية والإصلاح للطفل، وتحفظ له كرامته وتُبقيه ضمن محيطه الأسري والاجتماعي الطبيعي.
وأشار إلى أن النيابة العامة، باعتبارها فاعلاً محورياً في عدالة الأحداث، بادرت منذ فترة إلى إصدار دوريات تحث على تفعيل المقتضيات القانونية ذات الصلة بالعقوبات البديلة، كما دعا إلى استثمار الفترة السابقة لدخول القانون حيز التنفيذ لمناقشة سبل تطبيقه وتجاوز العقبات المحتملة، في أفق تفعيل أمثل وفعّال لهذه الآلية الجديدة.
واعتبر البلاوي أن هذا اللقاء محطة مهمة لتقاسم التجارب، وتوحيد الرؤية حول تنزيل مقتضيات القانون الجديد بشكل يحقق الالتقائية بين مختلف المتدخلين، ويجعل من العدالة الصديقة للأطفال واقعاً مؤسسياً راسخاً، يعكس النضج القانوني للمملكة واستجابتها للتوجيهات الملكية الرامية إلى تعزيز حقوق الإنسان، وعلى رأسها حقوق الطفل.
وعبر عن أمله في أن تساهم خلاصات وتوصيات هذا اللقاء في بناء نموذج مغربي متفرد في العدالة الإصلاحية، قائم على الإنصاف والنجاعة، يضمن للطفل المغربي الحماية والكرامة والمستقبل.