التفكك الأسري في ارتفاع مستمر.. 400 حالة طلاق يوميًا بالمغرب

حسين العياشي

شهدت المغرب زيادة ملحوظة في حالات الطلاق، خلال العام الماضي، حيث تم تسجيل أكثر من 400 حالة طلاق يوميًا، مما يعكس تصاعدًا في ظاهرة التفكك الأسري في المملكة. أشار التقرير السنوي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية إلى تطور لافت في الطريقة التي ينهي بها الأزواج المغاربة علاقاتهم الزوجية. فقد سجلت المحاكم خلال هذا العام 40,214 قضية طلاق و107,681 قضية فسخ زواج، مما يعادل أكثر من 110 حالات طلاق ونحو 300 حالة فسخ يوميًا.

وقد كشف التقرير أن الطلاق بالتراضي يُمثل الغالبية العظمى من هذه الحالات، حيث بلغت نسبة الطلاق بالتراضي 96% من مجموع القضايا، أي ما يعادل 38,858 حالة، في حين لا تتعدى الحالات الأخرى من أنواع الطلاق، مثل الطلاق قبل الدخول أو الطلاق القابل للرجوع أو الطلاق بالإرادة المنفردة، 4% فقط.

كما أظهرت البيانات ارتفاعًا طفيفًا في عدد حالات الطلاق بالتراضي بنسبة 0.2% مقارنة بعام 2023، في حين سجل الطلاق قبل الدخول زيادة تصل إلى 12.9%، بينما شهدت حالات الطلاق التي تُحكم بها المحكمة زيادة ملحوظة بلغت 33.3%.

أما فيما يخص قضايا فسخ الزواج، فقد أشار التقرير إلى أن الطلاق لأسباب الخلاف بين الزوجين يظل هو الأكثر شيوعًا، حيث يشكل 97% من الحالات، أي ما يزيد عن 104,000 حالة في عام 2024، مقارنة بـ96% في العام السابق. أما بقية حالات الفسخ، مثل الفسخ بسبب الغياب أو نقص النفقة أو العيوب أو الأضرار أو مخالفة شروط عقد الزواج، فتبقى نادرة وتتجه نحو التلاشي في الممارسة القضائية.

أوضح التقرير أيضًا أن قضايا “الطلاق” أو الفسخ القضائي للمغربية أكثر من ثلاث مرات من حالات الطلاق. يعزى هذا الاختيار إلى المرونة الإجرائية التي تقدمها هذه الطريقة، حيث لا تتطلب إجراءات الطلاق لأسباب الخلاف الإشعار الشخصي، على عكس الطلاق القابل للرجوع الذي يتطلب تسليم الاستدعاء مباشرة إلى الزوجة قبل أي إجراء آخر.

وأضاف التقرير أن المادة 212 من قانون المسطرة المدنية تمنح مرونة أكبر في اختيار المحكمة المختصة في قضايا الفسخ، مما يتيح للأطراف تقديم القضايا إلى محكمة مكان الإقامة الزوجية أو مكان إقامة الزوجة أو مكان عقد الزواج. في المقابل، يحدد الفصل 79 من مدونة الأسرة إجراءات أكثر صرامة فيما يخص طلبات الطلاق، حيث لا يُعتبر الطلاق نافذًا إلا بعد تسجيله الرسمي أمام “العدول” بعد الموافقة من المحكمة ودفع الرسوم الإدارية.

كما يختلف وضع العلاقة الزوجية في حالة الفسخ، حيث ينتهي الزواج بشكل فوري عند صدور حكم الفسخ، في حين أن الطلاق لا يصبح ساريًا إلا بعد إجراءات إدارية إضافية، ما يوضح الفارق في تأثير كل من الطلاق والفسخ على العلاقات الزوجية.

وفي سياق متصل، نشر المندوبية السامية للتخطيط بياناتها حول حالات الطلاق في عام 2024، حيث سجلت المغرب أكثر من 65,000 حالة طلاق، ما يتفق مع التوجهات التي أشار إليها المجلس الأعلى للسلطة القضائية. كما أظهرت البيانات تطورًا في تركيب الأعمار للأزواج المطلقين، حيث كانت الفئة العمرية بين 45 و49 عامًا هي الأكثر تأثرًا، حيث يشكل الرجال 32% والنساء 68% من هذه الفئة.

وختامًا، يوصي التقرير بتعزيز دور آليات الصلح العائلي وأهمية التدخل الاجتماعي للحد من ظاهرة الطلاق. كما يُشدد على ضرورة توعية الأزواج بأهمية التواصل الفعّال داخل الأسرة، وإعدادهم من خلال برامج تدريبية قبل الزواج، بهدف تقليص فرص الانفصال والطلاق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى