التهديدات الصامتة.. التلوث الصوتي تحت المجهر (فيديو)

خديحة بنيس: صحافية متدربة

 

التلوث الصوتي ليس أقل خطورة من التلوث البيئي، فالأصوات المزعجة يمكن أن تسبب مشكلات صحية مثل التوتر، الصداع، وضعف التركيز، وقد تؤثر أيضًا على النوم والرفاهية العامة.

وجاء في تقرير لبرنامج المتحدة للبيئة سنة 2022 بأن التلوث الضوضائي مشكلة بيئية كبيرة ويُطرح بوصفه خطراً بيئياً ذي أولوية يُحدق بصحة البشر من جميع الفئات العمرية والاجتماعية، بالإضافة إلى كونه عبئاً على الصحة العامة.

وأفاد التقرير بأن التعرض المُطوّل لمستويات مرتفعة من الضوضاء يضر بصحة الإنسان ورفاهه، ما يثير المزيد من القلق بالنسبة إلى عامة الناس وصناع السياسات حالياً.

وأضاف التقرير بأن ما لا يقل عن 20 بالمائة من مواطني الاتحاد الأوروبي يتعرضون لمستويات الضوضاء الناتجة من حركة السير على الطرق، وهذه الضوضاء تُصنَّف باعتبارها ضارة بالصحة. وهذا تقدير متوسط فحسب، إذ تبين أن النسبة أعلى بكثير في المناطق الحضرية.

يولد التلوث الضوضائي من مصادر تقليدية مثل الطرق وسكك الحديد والمطارات والمصانع وقد تأتي مستويات الضوضاء المرتفعة أيضاً من بعض الأنشطة المنزلية أو الترفيهية. بحسب التقرير

الضوضاء الناتجة عن حركة السير على الطرق وسائر أشكال الضوضاء الحضرية لا تؤثر على رفاه الإنسان فحسب، بل تُخل أيضاً بأنواع الكائنات الحية الأخرى التي تُعدُّ شديدة الأهمية بالنسبة إلى البيئة الحضرية، وتهدد بقاءها على قيد الحياة.

وفي هذا الصدد أكد بوشعيب الباز متخصص في تحليل وعلاج الاضطرابات النفسية،  ل”إعلام تيفي” بأن المستويات العالية من الضوضاء تزيد من العبء على الدماغ مما يؤدي إلى تأثيرات سلبية على الصحة البدنية والعقلية.

وأضاف المتحدث بأن خطورة هذه المشكلة هي كونها مشكل صامت لا يهتم به الكثير من الناس، وغير واعيين بالتأثيرات السلبية على صحة الإنسان التي يمكن أن تسببها هذه الظاهرة على مدى القريب والمتوسط والبعيد.

وهذا ما أكده المارة في الشارع الذين استقينا رأيهم ببشأن تأثير الضوضاء على جودة حياتهم؛ وقد استغرب الكثير من السؤال، مشيرين إلى أن الضوضاء والضجيج أصبحا جزءاً من حياتهم اليومية.

والعديد منهم قالوا إنهم قد اعتادوا على الأصوات المحيطة، مما جعلهم يتكيفون معها كجزء طبيعي من الروتين اليومي، بعض الأشخاص أضافوا أنهم في الواقع لا يشعرون بالإزعاج من الضوضاء، بل يعتقدون أنها جزء لا يتجزأ من نشاطاتهم الاجتماعية والعملية.

وبالمقابل، ذكر آخرون أنهم يفضلون أن تكون لديهم مساحة هادئة بين الحين والآخر، لكنهم لا يعتبرون الضوضاء عائقاً كبيراً يؤثر على جودة حياتهم بشكل ملحوظ.

وفي هذا الإطار أوضح الباز أن العديد من الناس ليسوا واعيين بالآثار النفسية للتلوث الصوتي والتي تشمل  صعوبة التعامل مع الضوضاء، هذه الصعوبة تترجم إلى سلوكيات نلاحظها في ردود فعل عنيفة على ابسط تصرف من الغير في الشارع.

وأفاد أن الإنسان يحاول ما أمكن تفادي هذه التصرفات التي تكون خارجة عن إرادته ما يجعله يميل إلى العزلة والانطواء جراء زيادة سلوكه العدواني الذي لا يعرف مصدره، مما يؤثر على تواصله الاجتماعي.

بالإضافة إلى ذلك قد تظهر حالة نفسية تؤدي إلى فقدان السمع، لأن الشخص الذي يتعرض لضوضاء وضجيج مستمر يصبح عاجزا على تحليل هذه الأصوات مما قد يؤدي إلى فقدانه حاسة السمع هذه الظاهرة تسمى “بسيكوميتري” حيث يتجاوز المشكل ما هو نفسي ويؤثر على الأعضاء. وبالتالي فالتلوث الصوتي يؤدي إلى ظهور حالة نفسية عبارة عن عدم الرغبة في الاستماع لأن الإنسان لا تكون لديه القدرة على تحليل الأصوات العالية المحيطة به.

كما أن الضوضاء تعيق قدرة الإنسان على الإبداع والابتكار وكذا التواصل، أي أن التلوث الصوتي يمس بشكل مباشر الجهاز العصبي للإنسان ويسبب  له أعراض الاكتئاب وعدم القدرة على التركيز.

وأفاد المحلل النفسي أن الوعي بهذه الظاهرة وفهم تأثيرها على صحتنا كبشر تساعدنا على اتخاذ الخطوات للتقليل منها للحفاظ على صحتنا وجودة الحياة، فبتعزيز الوعي حول هذه المشكلة التي تؤرق الانسان بصمت سنحسن جودة الحياة من خلال خلق بيئة أكثر هدوء وبالتالي العيش في سلام دون صراعات نفسية واجتماعية جلنا يجهل مصدرها.

ونبه المتحدث إلى أهمية زيارة الأماكن الخضراء بعيداً عن الضوضاء، حيث تساعد البيئة الطبيعية في تخفيف تأثيرات التوتر والقلق، مما يعزز الرفاهية النفسية ويحقق شعوراً بالهدوء والراحة.

زر الذهاب إلى الأعلى