التهراوي يعترف بتدهور أقسام المستعجلات والمواطن ينتظر الإصلاح

فاطمة الزهراء ايت ناصر
أقر وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي، خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس المستشارين أمس الثلاثاء، بأن أقسام المستعجلات في المستشفيات العمومية المغربية تعيش وضعا متدهورا.
وأكد أنها تواجه اختلالات ومشاكل متعددة بسبب الاكتظاظ وضعف التنظيم ونقص الموارد البشرية، معلنا في الوقت نفسه عن خطة استعجالية مدتها عشرة أسابيع لإصلاح الوضع وتحسين ظروف استقبال المرضى.
الوزير لم يخفِ الواقع الصعب، بل اعترف بأن عدد الأطباء المختصين في طب المستعجلات لا يتجاوز ثلاثين طبيبا على الصعيد الوطني، في حين أن ما بين خمسين وستين في المئة من الحالات التي تتوافد على أقسام المستعجلات ليست استعجالية بالأساس، وهو ما يجعل هذه المرافق تعيش ضغطا دائما، ويدفع الطواقم الطبية إلى العمل في ظروف مجهدة تضعف جودة الخدمات وتغذي أزمة الثقة بين المواطن والمرفق العمومي.
خطة التهراوي تقوم على إعادة تنظيم استقبال المرضى عبر فرز الحالات وتوحيد البروتوكولات الطبية، إلى جانب تحسين ظروف العمل وتجهيز قاعات الانتظار والاستراحة، وتعزيز حضور الأطباء والطاقم التمريضي في هذه المصالح.
ووعد الوزير بإصلاح هيكلي على المدى المتوسط يشمل مراجعة تكوين الأطباء في طب المستعجلات وتطوير شبكة النقل الصحي SAMU، وربط مسار العلاج بالملف الطبي الرقمي لتتبع الحالات.
لكن هذه الوعود، رغم واقعيتها التقنية، تأتي في سياق اجتماعي متوتر، تهيمن عليه احتجاجات جيل زيد، التي أعادت النقاش حول ضعف المرافق العمومية، خصوصا في قطاعي الصحة والتعليم، كأحد أبرز أسباب فقدان الأمل لدى الشباب المغربي.
فبالنسبة لهؤلاء المحتجين، لا يكفي الإعلان عن خطط متسارعة لإقناعهم بأن التغيير قادم، ما لم يلمس تحسن فعلي في الخدمات اليومية، وخاصة في أقسام المستعجلات التي تشكل الواجهة الأولى لمعاناة المواطن مع النظام الصحي.
هذا التوتر انعكس أيضا في الميدان، فخلال الأسابيع الأخيرة، شهد المستشفى الجهوي الحسن الثاني بأكادير احتجاجات غاضبة، تنديدا بتدهور الخدمات وغياب الأطر الطبية وتراكم الحالات في ظروف توصف بأنها غير إنسانية، فصور المرضى وهم ينتظرون لساعات على الأرض أو في الممرات، وسط نقص حاد في المعدات، تحولت إلى رمز لأزمة مستعصية لم تعد تخفيها البيانات الرسمية.
ويعتبر المهتمين بالشأن الصحي أن ما يجري في أقسام المستعجلات ليس مجرد أزمة تقنية، بل مرآة لأزمة ثقة أعمق بين المواطن والدولة في حقه في العلاج الكريم، فحين يتحول البحث عن سرير أو طبيب إلى معركة يومية، تصبح كل خطة، مهما كانت محكمة، رهينة بمدى قدرتها على تغيير الواقع الملموس، فالمستعجلات اليوم ليست فقط في حاجة إلى ترميم الجدران والمعدات، بل إلى استعجال سياسي حقيقي يعيد للمغاربة الثقة في أن صحتهم ليست رقما في التقارير، بل أولوية تترجم على أرض الواقع.
وسبق أن أكد الوزير خالد آيت الطالب أن أقسام المستعجلات تعيش معاناة واضحة بسبب الاكتظاظ ونقص الموارد البشرية، مشيرا إلى أن ما يصل إلى 80 % من الحالات التي تتوافد على المستعجلات ليست حالات طارئة فعليا، مما يجعل الضغط عليها كبيرا ويعكر جودة الخدمة.
من جهة أخرى، خلص تقرير رسمي صادر عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إلى أن جودة التكفل في أقسام المستعجلات تظل دون مستوى المعايير الدولية، ويشير إلى أن نقص التناسق بين خدمات الإسعاف (مثل SAMU) والمستشفيات، وضعف تجهيز سيارات النقل، وغياب التنسيق بينها وبين المستشفيات الخاصة من جهة أخرى، كلها عوامل تزيد من هشاشة هذا المرفق.