التويزي ينسف ندوة عن “التدبير الجماعي”.. هل ضاق صدر السياسي بنقد الفساد؟

حسين العياشي
اندلعت شرارة التوتر داخل قاعة بلدية آيت أورير، ظهر الأحد، حين تقدّم النائب البرلماني أحمد التويزي ومعه عدد من مرافقيه نحو المنصة واقتحموها، فتوقفت الندوة الفكرية حول “التدبير الجماعي ومداخل التنمية” قبل أن تبلغ مداها، واضطر الحاضرون إلى الانسحاب وسط فوضى وصخب. وقد وصف المحامي محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، ما جرى بأنه محاولة لـفرض الإرادة بالقوة والعنف.
قبل لحظات من الانفجار، كان الغلوسي يلقي مداخلته بصفته رئيساً لجمعية تُعنى بحماية المال العام، واضعاً إصبعه على “معضلة الفساد وآثاره على التنمية المحلية”. حديثه امتد، بحسب روايته، إلى نقد استغلال بعض النخب لمواقع المسؤولية لـخدمة مصالحها ومراكمة الثروة، في ما ينعكس حرماناً للمدن من البنيات التحتية والخدمات الأساسية، مع اتهام فئة من ممثلي الأمة باستغلال مواقعها داخل البرلمان للتضييق على المجتمع المدني وتمرير تشريعات على المقاس.
التصعيد لم يقف عند تعطيل الندوة. يقول الغلوسي إنه تعرض للقذف داخل القاعة، وإن التويزي نعته أمام الحضور بـ”المحامي الفاشل”. وفي السياق نفسه، واصل المتحدث سهام نقده لِـتشبث بعض الوجوه بمقاعدها ورفضها إفساح المجال للشباب والطاقات الجديدة، معتبراً أن الإصرار على البقاء في المناصب لمدد طويلة يُضعف التداول الطبيعي على المسؤولية ويشوّه مسار التنمية المحلية.
الواقعة تفتح باباً واسعاً للتساؤل حول حدود تقبّل المسؤولين العموميين للنقد عندما يتعلق الأمر بالفساد والحكامة والشفافية، وحول قدرة الفضاءات العمومية على احتضان اختلاف الآراء من دون أن تنفلت إلى شدّ وجذب. فهي تضع المجتمع المدني في تماس مباشر مع جزء من النخبة السياسية عند نقطة حساسة: حق المواطنين في نقاش عمومي هادئ ومسؤول حول تدبير الشأن المحلي ومستقبل التنمية.
حتى الآن، تظل رواية النائب البرلماني أحمد التويزي الرسمية غائبة، ويترقب الرأي العام توضيحات تضع ما حدث في سياقه، وتجيب عمّا إذا كان ما وقع مجرّد انفعال عابر داخل ندوة عمومية، أم مؤشراً على تضييق يمسّ حرية التعبير والنقاش حول قضايا الفساد المستفحلة. وبين سؤالَي الوقائع والمسؤوليات، يبقى الامتحان الحقيقي هو مدى استعداد الأطراف كافة لصون الحق في الاختلاف، وحماية النقاش العمومي من منعرجات العنف اللفظي والرمزي، بما يضمن أن تبقى قضايا التنمية فوق منابر الحوار لا تحت ركام الفوضى.




