الثروة السمكية واقع تضيع في دواليبه الحقائق

فاطمة الزهراء ايت ناصر

رغم أن المغرب يمتلك واحدة من أكبر الثروات البحرية على مستوى العالم بفضل سواحله الممتدة على 3500 كيلومتر وموارده الغنية، إلا أن الواقع يعكس تناقضًا كبيرًا بين وفرة الأسماك وارتفاع الأسعار في السوق المحلية.

وهذا التناقض يتجسد في العديد من التصريحات والأرقام التي قدمتها كاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري، زكية الدريوش، والخبير الاقتصادي ياسين اعليا.

وأكد الخبير الاقتصادي ياسين اعليا أن المغرب يصطاد سنويًا حوالي 1.42 مليون طن من الأسماك، 60% منها موجهة للصناعة التحويلية التي يتم تصدير أغلبها إلى 138 دولة حول العالم، أما الكميات المتبقية، و40% مخصصة للاستهلاك المحلي.

وكشف الخبير في برنامج “إيكو ترند”، الذي يُبث على منصات صحيفة “صوت المغرب”، أنه بالرغم من هذه الوفرة، يظل معدل استهلاك الأسماك في المغرب منخفضًا للغاية مقارنة بالمعايير العالمية. إذ لا يتجاوز متوسط استهلاك الفرد المغربي 14 كيلوغرامًا سنويًا، وهو أقل من المعدل العالمي البالغ 20.7 كيلوغرامًا.

وأوضح أن هذا الرقم يختلف بشكل كبير بين الطبقات الاجتماعية، يستهلك الأفراد من الطبقات الفقيرة أقل من 3 كيلوغرامات سنويًا، بينما يصل هذا الرقم إلى 18 كيلوغرامًا لدى الأفراد ذوي الدخل المرتفع.

وفيما يتعلق بأسعار الأسماك، أكدت كاتبة الدولة زكية الدريوش، أنه من الصعب للغاية أن يباع السردين بـ5 دراهم في السوق المحلية في نهاية السلسلة، حيث يعتقد البعض أن السعر المرتفع يعود إلى تكاليف إضافية مثل الثلج والنقل والضرائب.

وبخصوص غلاء أسعار الأسماك، خاصة سمك السردين، الذي يُطرح في الأسواق حاليا بسعر 15 درهم والذي لا يتماشى مع القدرة الشرائية للمواطنين. وضحت كاتبة الدولة أن تحديد الأسعار في المغرب يخضع لآلية العرض والطلب في سوق حرة، تؤثر عوامل متعددة مثل ثمن الثلج والنقل والرسوم على التكاليف النهائية للأسماك.

وأشارت الدريوش خلال استضافتها  في حوار ضمن برنامج “مع بلهيسي” الذي يبث على موقع “مدار21″، إلى ضرورة معرفة مكونات الثروة السمكية ببحورنا، موضحة أن 80% من الثروة السمكية تتكون من السمك السطحي، من السردين والماكرو والشنشاغ ولانشوبة، و20% من الأصناف الأخرى، المتمثلة في الرخويات والصول والميرلان والقمرون وغيرها.

لكن هذا التفسير يبقى غير كافٍ في ظل وجود ثروة سمكية ضخمة، الأمر الذي يثير تساؤلات حول آليات التحكم في الأسعار وتوزيع الثروات السمكية بشكل عادل.

ومن بين الحلول التي طرحتها المسؤولة هي مبادرة “الحوت بثمن معقول”، التي تهدف إلى توفير السمك المجمد بأسعار معقولة للمواطنين. ورغم أن هذه المبادرة قد حققت بعض النجاح، حسب قولها ، حيث تم تسويق 2100 طن من الأسماك المجمدة بحلول منتصف رمضان 2024، إلا أن هذه المبادرة لا تكفي لتغطية كافة احتياجات السوق المحلية. كما أن التركيز على السمك المجمد لا يعكس الحل الشامل للمشكلة، بل يُعتبر مجرد مسكن مؤقت لا يعالج أصل المشكلة المتعلقة بارتفاع أسعار الأسماك الطازجة.

فيما يخص مراقبة الموارد السمكية، أشارت الدريوش إلى التحسينات التي أُدخلت على نظام المراقبة في البحر، مما مكن من تتبع عمليات الصيد بكل دقة. لكن التحديات البيئية والصيد الجائر ما زالت قائمة، رغم أن استراتيجية “أليوتيس” قد حسنت الوضع، إلا أن مراقبة الصيد لا تضمن استدامة الموارد البحرية بشكل كامل وعادل وبثمن معقول.

وأضافت كاتبة الدولة أن المغرب يعتمد على “الكوطا” (حصص الصيد) لضمان الحفاظ على استدامة الثروات السمكية، مؤكدة أنه لا يتم الصيد بشكل عشوائي بل وفق خطط وإجراءات دقيقة. مشيرة إلى أن التنسيق بين مختلف الهيئات مثل البحرية الملكية والدرك الملكي يسهم في الحفاظ على توازن النظام البيئي البحري.

ويُظهر واقع قطاع الصيد البحري في المغرب أنه رغم وفرة الموارد السمكية، فإن ارتفاع الأسعار وضعف الاستهلاك المحلي يعكسان إخفاقًا في إدارة القطاع.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى