الحافر لـ”إعلام تيفي”: “التعدد الهوياتي والعدالة المجالية ركيزتان لمواطنة متوازنة

فاطمة الزهراء ايت ناصر
أكد إلياس الحافر، الباحث في العلوم السياسية، أن الدولة الحديثة تجد نفسها أمام رهان معقد يتمثل في تحقيق التوازن بين احترام التعدد الهوياتي وترسيخ مفهوم المواطنة، وهو رهان لا يمكن كسبه دون وجود إطار قانوني واضح يضمن المساواة في الحقوق والواجبات لجميع المواطنين، بغض النظر عن انتماءاتهم الثقافية أو الجغرافية.
وأوضح الحافر ل”إعلام تيفي” أن هذا التوازن لا يتعلق فقط بنصوص قانونية، بل يتطلب وعيًا جماعيًا بقيم العيش المشترك والتفاهم بين مختلف الهويات، إلى جانب إرساء ثقافة سياسية قائمة على الاعتراف والإنصاف، معتبرًا أن الاختلاف في الأفكار والتنظيم والثقافات يجب أن يتحول إلى مصدر قوة لا إلى عنصر تقسيم.
وفي ما يخص السياسات العمومية، كشف الحافر أن هذا المجال ليس ميدانًا سهلاً، خصوصًا حين يرتبط بـ تحقيق العدالة الاجتماعية في ظل تفاقم الفوارق الطبقية والمجالية.
وأبرز أن العدالة المجالية تمثل مدخلًا حاسمًا لتحقيق العدالة الاجتماعية، لما لها من دور في ضمان توزيع متوازن للاستثمار والموارد الطبيعية والطاقات البشرية عبر التراب الوطني.
وأشار إلى أن ترسيخ العدالة الاجتماعية لا ينفصل عن تثبيت دعائم دولة القانون والديمقراطية، مؤكدًا أن كل التجارب الديمقراطية الناجحة جعلت من هذه العدالة قاعدة للاستقرار السياسي والاجتماعي، ومحركًا أساسيا للتنمية.
في سياق متصل، أوضح الحافر أن استغلال بعض النخب لخطاب الهوية قد تحول إلى وسيلة لتفتيت القوى الاجتماعية وخلق اصطفافات إيديولوجية قائمة على الكراهية والإقصاء، سواء من داخل المرجعيات الإسلامية أو العلمانية أو الليبرالية. وأبرز أن هذا التوظيف السياسي للهويات عمّق من أزمة التمثيلية، وساهم في تراجع النقاش العمومي وفقدان الثقة في المؤسسات.
وكشف الحافر أن المشهد النخبوي الحالي يعاني من فراغ واضح في بعض المستويات والمواقع، حيث توجد نخب تقليدية غير قادرة على مواكبة التحديات، وأخرى حداثية لا تحظى بالشرعية الكافية، مما جعلها عاجزة عن التأثير في السياسات أو الترافع الجاد عن قضايا المجتمع.
وانتقد الحافر ما أسماه غياب التفاعل الحقيقي لبعض النخب مع مضامين الخطب الملكية، مؤكدًا أن العديد منها تهتم بمصالحها الخاصة أكثر من التزامها بالمشاركة الفاعلة في تطوير النموذج التنموي الجديد أو المساهمة في توطيد الخيار الديمقراطي والاستقرار الاجتماعي.
وأكد الباحث أن التحدي الأساسي، يتمثل في ربط الخطاب بالواقع، وتوفير شروط الثقة والعدالة والمواطنة الفعلية، عبر نخب واعية ومسؤولة، وسياسات منصفة، ومؤسسات قوية تحتكم للمصلحة العامة.





