الحكومة تبحث احتواء البطالة والخبراء يرونه تحدياً صعباً
خديجة بنيس: صحافية متدربة
صرح رئيس الحكومة أن سياسات الحكومة خلال النصف الثاني من الولاية ستتركز بالدرجة الأولى على خلق فرص العمل وتعزيز الاستثمارات، وذلك لتحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية المرجوة، تنفيذاً لما جاء في البرنامج الحكومي.
في هذا الصدد أفاد ياسين أخياط، أستاذ علوم الاقتصاد بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن خلق فرص الشغل وتعزيز الاستثمار خلال النصف الثاني من الولاية الحكومية يشكلان تحدياً كبيراً. ويمكن القول إن هذا التحدي صعب، خاصة عند مقارنة البرامج المعلنة خلال الفترات الانتخابية بالواقع المغربي الفعلي. رغم وجود وسائل محدودة ومعروفة، فإن النتائج غالباً ما تكون دون مستوى التطلعات والتوقعات.
وبالرجوع إلى نسبة النمو، التي تُعتبر رافعة أساسية للنهوض بفرص الشغل، فإنها تشكل إشكالية في الاقتصاد المغربي، حيث إنها ليست كافية لتحقيق التقدم المطلوب في سوق العمل، وفقا للمتحدث، ولتحقيق أهداف الحكومة في خلق سوق شغل يتماشى مع تطلعات المجتمع، يجب أن يسجل النمو زيادة بنسبة 2 بالمائة على الأقل خلال ما تبقى من الولاية الحكومية.
وتابع أخياط موضحاً أن الفترة المتبقية من هذه الولاية الحكومية يجب أن تركز على الاستثمارات والصناعات، وكذلك على النهوض بالمجال الفلاحي والخدمات. بناءً على ذلك، ينبغي أن يسجل الاستثمار ارتفاعاً لا يقل عن 2.5 بالمائة لكي تتمكن الحكومة من توفير ما يقارب 100 ألف منصب شغل سنوياً لاستيعاب 100 ألف من حاملي الشهادات.
من جهة أخرى، يشدد الأستاذ الجامعي على أنه يجب النظر في نوعية فرص الشغل التي ستوفرها الحكومة، ففيما يتعلق بالبناء والأشغال العمومية، تكون نسبة العمال من ذوي الكفاءات العالية، مثل المهندسين والتقنيين، منخفضة جداً مقارنةً بالمجال الفلاحي، حيث يعمل فيه أكبر عدد من الشباب والشغيلة دون شهادات عليا.
وأضاف أن فرص الشغل لحاملي الشهادات تكون أكبر في مجال الخدمات مقارنةً بالمجال الصناعي. وبالتالي، يجب التركيز على خلق فرص الشغل في القطاع الصناعي، مما يتطلب مضاعفة الاستثمار في هذا المجال.
وتحدث المتحدث عن الحاجة الملحة لجلب استثمارات ضخمة وجريئة في مجال التكنولوجيا وقطاعات معينة. هذه الاستثمارات ستكون رافعة مهمة، خاصة أن المغرب مقبل على استضافة تظاهرات عالمية مثل كأس العالم 2030. وبالتالي، تمثل هذه فرصة سانحة لتسريع مراحل مهمة في مجال الاستثمار.
كما يجب أخذ التغيرات المناخية الصعبة والإجهاد المائي في المغرب بعين الاعتبار، حيث تؤثر هذه العوامل بشكل كبير على الهجرة القروية نحو المدن، مما ينعكس سلباً على الاقتصاد المغربي. في هذا الصدد يؤكد ياسين أخياط أنه من الضروري تبني سياسات صديقة للبيئة والاقتصاد الأخضر، التي تركز على تدبير الندرة. فقد كانت هذه السياسات جزءاً من الاستراتيجيات التي اتبعها المغرب عبر العصور، وأسهمت في تعزيز سجله الاقتصادي.
ودعا الخبير إلى تدبير الشأن المحلي بشكل مندمج مع جميع مكونات المجتمع الاجتماعية والبيئية والديموغرافية، وذلك لمعالجة تحديات الندرة البشرية وندرة الكفاءات والندرة البيئية، وللنهوض بالمجتمع المغربي.
وأشار إلى ضرورة مواجهة ظاهرة الهجرة التي تتطلب تدبيراً مستعجلاً، لأنها تعكس فشل السياسات على جميع المستويات وفي العديد من المجالات التي تحتاج إلى الاستثمار، مثل التعليم والصحة، وذلك لتجاوز الأزمات التي تعاني منها هذه القطاعات الحيوية.
وخلص أخياط أن كل هذه العوامل تجعل من تحقيق أهداف الحكومة أمراً صعباً، لاسيما أن النهوض بسوق العمل يرتبط بأسس حيوية يتعين على الحكومة أن تدرك أهميتها جيداً لتحقيق الاستقرار داخل الدولة المغربية.