الحكومة تُكمِّم أفواه المغاربة رقمياً.. وصوت المواطن يُحذف بقرار غير معلن!

ل.شفيق-اعلام تيفي

في مشهد يختزل واقعاً مقلقاً لحرية التعبير في المغرب، أقدمت صفحات رسمية تابعة للحكومة على مواقع التواصل الاجتماعي على إخفاء تعليقات المواطنين المنتقدة لأداء الحكومة وسياستها العامة.
ورغم أن واجهة المنشورات تظهر أرقاماً تشير إلى عشرات أو مئات التعليقات، إلا أن المتصفح لا يجد شيئاً داخل الصندوق سوى الفراغ… وكأن الصوت الشعبي اختفى من المنصات كما حُوصِر في الشوارع.

هذا السلوك يطرح أسئلة دستورية جوهرية، إذ ينص الفصل 25 من الدستور المغربي بوضوح على أن:

“حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. وحرية الإبداع والنشر والعرض مكفولة.”

فهل يعقل أن تُنتهك هذه الحرية من داخل الحسابات الرسمية للحكومة نفسها؟
وكيف يمكن لحكومة جاءت إلى السلطة بشعار “الإنصات للمواطن” أن تُخفي أصوات المواطنين متى اختلفوا معها؟

وهنا تبرز مجموعة من التساؤلات التي لا يمكن تجاوزها:

  • هل هنّاك سياسة رسمية أو توجيه إداري لإخفاء تعاليق المواطنين؟ إن كان الجواب نعم → من أصدره؟ متى؟ ولماذا؟

  • هل هذا إخفاء مُمنهج لآراء نقدية تتعلّق بقطاع الصحة والاحتجاجات؟ إن كانت الإجابة لا → لماذا لم تُقدَّم تفسيرات تقنية واضحة، ولم تُنشر سجلات تحكمية توضح سبب التفاوت بين العداد والمحتوى؟

  • ما آليات الشفافية والرقابة على الصفحات الحكومية؟ نطالب بكشف البروتوكولات ودفاتر الشروط التي تحكم إدارة التفاعل مع الجمهور.

  • هل يتمّ استخدام عقود خاصة أو جهات خارجية لإدارة المحتوى تُمارس رقابة مسبقة؟ إن كانت الإجابة نعم → ينبغي الإفصاح عن أسماء المتعاقدين وشروط التعاقد.

ما يجري اليوم هو قمع رقمي بصيغة جديدة، يعكس توجهاً خطيراً نحو التحكم في الفضاء العام، بعدما فشلت الحكومة في ضبط الشارع، وفقدت قدرتها على الإقناع.
فبدلاً من مواجهة النقد بالحجة، اختارت الحذف… وكأن إخفاء التعليقات يمكن أن يمحو الإخفاقات.

تأتي هذه الممارسات في وقتٍ تعيش فيه البلاد غلياناً اجتماعياً متصاعداً، تقوده فئات شابة تطالب بالكرامة والشفافية والعدالة الاجتماعية.
ورغم وضوح الرسائل، تواصل الحكومة تجاهلها، بنفس البرود الذي يطبع مواقفها الرسمية.

ولا ننسى أن رئيس الحكومة عزيز أخنوش، كان قد صرّح في إحدى خرجاته السياسية قائلاً:

“المغاربة اللي ممربيش، نعاودو ليه التربية.”
تصريح أثار حينها جدلاً واسعاً، واعتُبر مؤشراً على نظرة فوقية تجاه المواطنين، وهي النظرة التي يبدو أنها ما زالت تتحكم في سلوك الفريق الحكومي.

اليوم، ومع اقتراب نهاية الولاية الحكومية، يُطرح سؤال محوري:
هل هذا تعمُّد في إسكات الرأي العام وتلميع الصورة الرقمية قبل الاستحقاقات المقبلة؟
أم هو مجرد استمرار لسياسة الهروب إلى الأمام، حيث لا صوت يعلو فوق صوت “الإنجازات الافتراضية”؟

في بلد ينص دستوره على حرية التعبير، يصبح حذف تعليق مواطن عملاً مخالفاً لروح القانون والديمقراطية.
فمن يُحاسب الحكومة حين تخون مبادئ دستورٍ أقسمت على احترامه؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى