الديبلوماسية الجزائرية..جهل فوق جهل الجاهلين

بشرى عطوشي 

ليس أكثر فتكا من الجهل شيء، وأجهل الجهل أن تدعي العلم بشيء وأنت لا تعرفه، أو أن تأخذ منه طرفا يجعلك اكثر جهلا به, فأنت بذلك تزيد الإساءة، بما تظنه علما ومعرفة.

تواصل ممثلة الديبلوماسية الجزائرية (وزارة الخارجية الجزائرية)، جهلها بالأشياء، وتنعم به إلى أقصى درجة، من خلال خروجها البغيض في كل مرة ببيان تدين فيه المغرب وتوجه له عن جهالة بالقوانين الدولية شتى عبارات الإدانة.

من خلال بيانها الأخير الذي تحتج فيه على إدراج الحكومة المغربية 3 مباني تعود للسفارة الجزائرية ضمن قائمة العقارات التي ستنتزع ملكيتها لتوسيع وزارة الخارجية المغربية، أسهبت وزارة الخارجية الجزائرية في وعيدها وتهديدها وإدانتها للمغرب، مشيرة إلى أن  “المشروع المغربي يتعدى بشكل جسيم على الالتزامات المنبثقة عن اتفاقية فيينا للعلاقات الديبلوماسية والتي تفرض على المغرب احترام وحماية السفارات المتواجدة على أراضيه في كل الأوقات وتحت جميع الظروف”.

إن ما أشارت إليه الخارجية الجزائرية ينم عن جهل كبير وكالعادة بالقوانين الدولية، بما فيها القوانين المغربية التي تتلاءم مع كل الاتفاقيات والمعاهدات التي وقعها المغرب، وتحيلنا الخرجات الرعناء للديبلوماسية الجزائرية على قولة “شر البلية ما يضحك”، فالبلية هنا هو الجهل الذي ابتلي به حكام الجزائر، والمضحك هو أنهم يظنون أن الديبلوماسية المغربية يمكنها أن ترتجل القرارات، وأن تتجاهل القوانين الدولية في كل خطوة تقوم بها.

في هذا الشأن شرح المحلل السياسي عبد الفتاح نعوم، في منشور له على حسابه “بموقع إكس X” للخارجية الجزائرية بأن الممتلكات الديبلوماسية والقنصلية لدولة داخل دولة أخرى ليست كلها مشمولة بمقتضيات اتفاقية فيينا، بل إن منها من يكون واقعا تحت سلطة الولاية القضائية للدول الأعضاء، مضيفا أن من ضمن ذلك صلاحية تنفيذ مقتضيات القانون الإداري المؤطر لضرورات نزع الملكية للمنفعة العامة.

ونشر الدكتور عبد الفتاح نعوم على صفحته بالحساب ذاته نسخة من الصفحة 139 و140 من كتاب “القانون الديبلوماسي والقنصلي” لكاتبه المصري علي صادق أبو هيف، والذي جرى نشره في طبعته الأولى سنة 1962، حيث تشير هذه الصفحة إلى أن الحصانة التي تتمتع بها الأماكن المخصصة للبعثة الديبلوماسية لا تقف في سبيل تنفيذ المشروعات العامة التي يقتضي إتمامها الاستيلاء على بعض هذه الأماكن أو كلها، ويتابع أبو هيف في كتابه أن  عدم “التعرض لمقر البعثة لا يجوز أن يصل إلى حد تعطيل المشروعات العمرانية للدولة صاحبة الإقليم…”

في ظل ما سبق من شروحات وطبقا للقانون المغربي المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة والاحتلال المؤقت في الفصل رقم 4 والذي ينص على أنه “لا يجوز نزع ملكية المباني ذات الصبغة الدينية المعدة لإقامة مختلف الشعائر وكذا المقابر والعقارات التابعة للملك العام والمنشآت العسكرية.” لا يسع العاقل إلا أن يعلق على بيان خارجية الجزائر بأنه جهل فوق جهل الجاهلين.

وكما يقال الاضواء لا تتزاحم، والعقول الرفيعة تعرف مسالكها، ولا تخطئ دربها نحو الحقيقة،  كما أنها لا تبتئس بشيء كما تبتئس بالضلالة، والانحراف، هذا ما لا يريد أن يعلمه نظام الكابرانات البئيس، ولا يمكن لأحد من مريديه أن يدركه بممارسة ديبلوماسية قلة الذوق وفساد النية.

على من يجهلون بأن المغرب تخطى مراحل كبيرة في الارتقاء والتقدم والازدهار أن يدركوا أنهم يمعنون في السقوط, ويتوغلون في الارتباك, والتخبط, والمماراة بالجهل, ولم يبق لهم إلا أرجل تقوم مقام الرؤوس والافهام.

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى