الذكاء الاصطناعي في قلب الجدل البرلماني: الكفاءات أولا

نجوى القاسمي

في جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس المستشارين، وجدت الوزيرة المنتدبة المكلفة بالانتقال الرقمي نفسها في قلب نقاش محتدم حول مستقبل المغرب الرقمي، حيث تصدر رهان الذكاء الاصطناعي واجهة النقاش البرلماني، وسط تساؤلات  حول مدى جاهزية الإدارة العمومية لمواكبة التحولات التكنولوجية المتسارعة.

وأكدت الوزيرة، في ردها على تساؤلات المستشارين، أن وزارة الانتقال الرقمي بصدد إطلاق خمس مبادرات استراتيجية تروم تعزيز مكانة المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي، أبرزها إحداث مديرية متخصصة في الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيات الناشئة، ضمن هيكلة المديرية العامة للانتقال الرقمي، بالإضافة إلى وضع سياسة عمومية للبيانات الوطنية، وتفعيل آليات الرصد واليقظة التكنولوجية.

الذكاء الاصطناعي ليس ترفا.. بل أولوية وطنية

من جانبه، اعتبر المستشار المرابط الخمار، عن فريق الأصالة والمعاصرة، أن “رهان الذكاء الاصطناعي لم يعد خيارا، بل ضرورة ملحة، داعيا إلى انخراط جميع المؤسسات، وعلى رأسها الإدارات العمومية، في هذا التحول، مشددا على أن “التحدي الحقيقي لا يكمن في الآليات، بل في نقص الكفاءات المؤهلة”.

وأوضح أن فتح آفاق التوظيف العمومي في هذا المجال، إلى جانب تفعيل الذكاء الجمعي، بات ضروريا لأخذ خطوات استباقية بدل الوقوع في فخ التفاعل المتأخر. كما شدد على أهمية التكوين المستمر، وخاصة لفائدة الشباب، وعلى ضرورة تحسين التغطية الرقمية في العالم القروي.

السيادة الرقمية على المحك

بدوره، نبّه المستشار عبد اللطيف الأنصاري، عن الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، إلى أن حديث الوزيرة لم يتطرق إلى أهداف التحول الرقمي وإصلاح الإدارة التي تم تسطيرها سابقا، مبرزا أن الذكاء الاصطناعي لا يمكن أن يحقق أي نتائج دون الاستثمار في رأس المال البشري، وتثمين الكفاءات الوطنية.

وأضاف الأنصاري أن “بنك المعلومات والمعطيات الرقمية له حساسية استراتيجية كونه يدخل في صميم السيادة الوطنية”، مؤكدا أن مناطق قروية عديدة لا تزال تعاني من ضعف أو انعدام الصبيب الإلكتروني، وهو ما يضعف من عدالة الانتقال الرقمي ويدفع نحو ضرورة اعتماد مقاربة مجالية منصفة.

مرحلة مفصلية في مسار الرقمنة

وقد أثارت هذه المداخلات الجماعية تساؤلات عميقة حول فعالية السياسة الرقمية المعتمدة، وحجم التحديات التي تنتظر المغرب في عالم تعيد فيه التكنولوجيا رسم ملامح الاقتصاد والإدارة. وبينما تبدي الحكومة طموحا في الرؤية، يدعو البرلمانيون إلى تحصين هذه الرؤية بالكفاءات، والبنيات التحتية، ومقومات السيادة الرقمية.

وفي خضم التحولات العالمية التي تقودها ثورات الذكاء الاصطناعي، يبدو أن الرهان المغربي يتجاوز مجرد رقمنة الخدمات إلى بناء نموذج تنموي رقمي متكامل، يضع الإنسان في قلب التحول، ويضمن ألا تظل الرقمنة حكرًا على المركز دون الأطراف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى