الرميد يبارك تحرّك النيابة العامة ضد “التفاهة”: الحرية لا تعني اغتيال القيم

حسين العياشي

بارك وزير العدل السابق مصطفى الرميد التحرّكات التي باشرتها النيابات العامة بعدد من محاكم المملكة، والرامية إلى فتح أبحاث قضائية في حق بعض صانعي المحتوى على مواقع التواصل الاجتماعي، معتبراً أن هذه الخطوات تأتي في سياق حماية المجتمع من ممارسات وصفها بـ«ناشري التفاهة»، ممن جعلوا من الإساءة إلى القيم، والنيل من سمعة الأشخاص وأعراضهم، مورد رزق ومحتوى يوميًّا.

الرميد أوضح، في تدوينة له، أن هذه المبادرات القضائية لا تخرج عن الإطار القانوني الذي رسمته التوجيهات الصادرة عن رئاسة النيابة العامة، والتي يحمّلها القانون مسؤولية صون الحق العام، والسهر على التطبيق السليم للنصوص القانونية، والتصدي لكل السلوكيات التي تمس الحقوق والحريات أو تنحرف بها عن مقاصدها الدستورية.

وفي معرض حديثه عن حرية الفكر والرأي والتعبير، شدّد الوزير السابق على أن هذه الحرية، رغم كونها مضمونة دستورياً وركناً أساسياً في أي نظام ديمقراطي، لا يمكن أن تتحول إلى غطاء لانتهاك كرامة الإنسان أو التشهير به، ولا إلى ذريعة لضرب القيم الأساسية التي يقوم عليها المجتمع. واعتبر أن التحدي الحقيقي يكمن في تحقيق توازن دقيق بين حماية الحريات الفردية والجماعية، وبين تحصين المجتمع من الانزلاق نحو الإساءة والانحطاط، “دون إفراط أو تفريط”.

واعتبر الرميد أن بعض المضامين المنتشرة على منصات التواصل الاجتماعي تجاوزت كل الحدود، وغاصت في مستويات من الابتذال والانحطاط لا يمكن بأي حال من الأحوال إدراجها ضمن حرية التعبير أو الرأي، واصفاً إياها بأنها “بضاعة فاسدة ومسمومة”، لا تنتج سوى آثار خطيرة، من شأنها تسميم الفضاء العام واغتيال منظومة القيم داخل المجتمع.

ولإبراز وجاهة هذا التدخل القضائي، لجأ وزير العدل السابق إلى تشبيه لافت، قارن فيه بين التصدي القانوني لمثل هذه التعبيرات المنحطة، وبين ما تقوم به السلطات العمومية في مواجهة البناء العشوائي. فكما لا يُسمح بتشييد مساكن خارج الضوابط القانونية لما تشكله من خطر على السلامة العامة، لا ينبغي، بحسبه، التساهل مع محتويات “سيئة وسمجة ومنحطة” تهدد السلامة القيمية والأخلاقية للمجتمع.

وختم الرميد موقفه بالتأكيد على ضرورة مواصلة هذا النهج، مع التزام صارم بعدم المساس بحرية الرأي والتعبير باعتبارهما من الحقوق الأساسية التي لا جدال فيها، مشدداً في الوقت ذاته على أنه “لا مجال للخلط بين الحرية والتفاهة أو السفاهة”، وأن حماية المجتمع لا تعني خنق الأصوات، بل ضبط الفضاء العام بما يصون الكرامة ويحفظ القيم دون المساس بجوهر الحريات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى