الرياضة أم صحة المواطن؟ أولوية تُثير الجدل جراء نقل عمال مستشفى إلى ملعب الرباط

حسين العياشي
في خطوة تُعيد إلى الواجهة الجدل حول ترتيب الأولويات في تدبير المشاريع العمومية، كشفت مصادر مطلعة عن تحويل عشرات العمال من ورش بناء المستشفى الجامعي “ابن سينا” بالرباط إلى ورش ملعب الأمير مولاي عبد الله، بهدف تسريع وتيرة الأشغال استعدادًا لاحتضان نهائيات كأس إفريقيا للأمم 2025.
هذا القرار، الذي جاء تحت ضغط الالتزامات الزمنية التي أعلنها فوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، يطرح إشكالية جوهرية: هل من المنطقي أن تُعطى الأولوية لإتمام منشأة رياضية على حساب مشروع صحي استراتيجي يخدم آلاف المواطنين؟
وبحسب معطيات حصل عليها موقع “إعلام تيفي”، فقد استعانت الجهات المشرفة على الورش الرياضي بعشرات العمال من موقع بناء المستشفى، في محاولة لتدارك التأخر وضمان تسليم الملعب في الموعد المحدد. غير أن هذا التحول في الموارد البشرية يهدد بإبطاء أشغال المستشفى الجامعي، الذي أعطى انطلاقته الملك محمد السادس في ماي 2022، بطاقة استيعابية تفوق 1000 سرير، وبتكلفة تناهز 6 مليارات درهم.
ورغم الأهمية الرمزية لملعب الأمير مولاي عبد الله، الذي يُرتقب أن يستضيف مباريات “الكان”، إلا أن الاستعجال في إنجازه يثير تساؤلات مشروعة حول ما إذا كانت صورة المغرب كمنظم ناجح للأحداث الرياضية، باتت تُقدّم على حساب حقوق أساسية كالصحة؟
في ظل منظومة صحية تعاني من ضغط كبير، واكتظاظ متواصل في المستشفيات، ونقص حاد في البنيات والتجهيزات، يُنظر إلى مشروع مستشفى ابن سينا باعتباره أولوية قصوى. غير أن قرار تقليص عدد العاملين فيه لفائدة ورش الملعب، يعكس، في نظر العديد من المراقبين، مفارقة مؤلمة بين الرهان على “الواجهة” وواقع الحاجات الأساسية للمواطنين.
في النهاية، تتجاوز هذه القضية مجرد تدبير لوجستي بين ورشين، لتُعيد طرح سؤال مركزي: هل يسير المغرب في اتجاه يُوازن فعليًا بين حاجاته التنموية الأساسية، وصورته الدولية؟ أم أننا لا نزال عالقين في منطق مغرب “السرعتين”، حيث يُبنى ملعب في الوقت بدل الضائع، بينما يُؤجل افتتاح مستشفى هو في أمسّ الحاجة؟