الصحراء المغربية بين دعم أمريكي ثابت وتراجع جزائري أمام الاعتراف الفرنسي
فاطمة الزهراء ايت ناصر
أكد وزير أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، أن فرنسا ترى أن السيادة المغربية على الصحراء هي نتيجة مباشرة للمخطط المغربي للحكم الذاتي، مشددًا على أنه لا توجد حلول أخرى واقعية وذات مصداقية.
وأوضح بارو، خلال جلسة استماع أمام لجنة الشؤون الخارجية في الجمعية الوطنية، أن بلاده تدعم الجهود الأممية الرامية إلى تحقيق حل سياسي دائم ومقبول من الأطراف، مضيفًا أنه سيناقش هذا الملف مع نظيره المغربي ناصر بوريطة خلال أيام في باريس.
في هذا الصدد اعتبر بلال لمراوي، الباحث في القانون العام والعلوم السياسية، أن تصريح الوزير كإعلان عن الوضوح التام للدولة الفرنسية كدولة ذات ثقل في المجموعة الأوروبية لدعم المغرب في عدالة قضيته .
وأشار الباحث ل”إعلام تيفي” الى أن هذه التصريحات تتماشى مع التصريحات السابقة للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون أثناء زيارته المغرب، حيث أعلن صراحة أمام ممثلي الشعب المغربي عن دعم مغربية الصحراء والحكم الذاتي.
وأكد المتحدث أن أي تصريح دبلوماسي فرنسي ينحو في نحو دعم الوحدة الترابية المغربية فهو دليل على وعي فرنسا لمفتاح العلاقة السياسية والاقتصادية الناجحة بين المغرب والفرنسا وسر التعاون المشترك الصلب الذي لا تزحزحه أية ظروف هامشية أو ردود أفعال من بعض الأطراف التي لا يروقها الأمر.
الجزائر تتراجع عن طرح قضية الصحراء في علاقتها مع فرنسا
وبعد شهور من التوتر، قبلت الجزائر اتفاقًا مع فرنسا لإنهاء الأزمة بين البلدين دون أي مكاسب، بينما فرضت باريس أجندتها بالكامل.
ورغم أن ملف الصحراء كان الشرارة الرئيسية للخلاف، فقد غاب تمامًا عن البيان المشترك الصادر في 31 مارس، ما يعكس تراجع الجزائر عن استخدامه في علاقاتها الدبلوماسية. تبون، الذي كان يلوّح بالقضية، تجاهلها علنًا، مؤكدًا أن الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء “لا يزعج الجزائر”، في تحول مفاجئ عن موقفها التقليدي.
في هذا السياق، أكد المراوي ل”إعلام تيفي” أن قبل الاتصال الهاتفي بين الرئيس الجزائري والفرنسي كانت هناك خرجة للرئيس الجزائري الأخيرة، التي تتحدث عن أن المرجعية في العلاقات الفرنسية الجزائرية تقف عند الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وعي محاولة لعزل الأصوات التي تدعو إلى التصعيد مع الجزائر داخل الحكومة الفرنسية عن الرئيس الفرنسي.
وأعتبر الباحث أن تصريح تبون بخصوص التقارب الفرنسي المغربي لا يشكل تهديدًا للجزائر، وكذلك أن زيارات بعض المسؤولين الفرنسيين لا تشكل أي استفزاز للجزائر، هو تراجع عن الخط التصعيدي الذي نهجته بشكل ارتجالي الدولة الجزائرية، أو بالأحرى الزمرة العسكري.
وقال:”التخفيض من التصعيد من طرف الجزائر دليل على أن النخبة السياسية في الجزائر تشتغل بمنطق نفسي متذبذب وانفعالي، ولا تعي جسامة وخطورة سلوكياتها إلا بعد فوات الأوان، أو إلا بعد تضرر المصالح الوطنية للجزائر في علاقتها مع فرنسا”.
ويكشف هذا التغيير عن إقرار غير معلن من الجزائر بالدينامية الدولية المتزايدة لصالح سيادة المغرب على الصحراء.
فرنسا، التي أزالت الملف من دائرة التوتر في علاقاتها مع المغرب والجزائر، فرضت واقعًا جديدًا أجبر الجزائر على التراجع. وبهذا، يبدو أن النظام الجزائري بدأ يتخلى عن استخدام القضية كورقة ضغط، متكيفًا مع ميزان القوى الذي لم يعد في صالحه.
فرنسا تعترف بسيادة المغرب على الصحراء والجزائر ترد بسحب سفيرها
وبمناسبة الذكرى الـ25 لاعتلاء الملك محمد السادس العرش، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في رسالة رسمية دعمه لسيادة المغرب على الصحراء. وأكد أن مخطط الحكم الذاتي لعام 2007 هو “الأساس الوحيد” لحل النزاع، في موقف يعزز التحولات الدولية لصالح المغرب.
وأثار هذا القرار غضب الجزائر، التي تعارض المغرب في القضية منذ عقود، لترد بسحب سفيرها من باريس بعد ساعات من نشر الرسالة.
وتعكس هذه الخطوة انهيار سياسة “مصالحة الذاكرة” التي سعى ماكرون لتحقيقها مع الجزائر، وتؤكد تزايد عزلة الأخيرة في الملف.
وشهدت مدينة العيون،فبراير الماضي، زيارة تاريخية لرئيس مجلس الشيوخ الفرنسي جيرار لارشي، في خطوة تعكس تحولا استراتيجيا في الموقف الفرنسي تجاه قضية الوحدة الترابية للمملكة.
وسبق أن أكد عبد الفتاح الفاتحي، مدير مركز الصحراء وأفريقيا للدراسات الاستراتيجية، أن هذه الزيارة تعد تأكيدا على اعتراف فرنسا بسيادة المغرب على صحرائه. مشيرا إلى أن هذا الاعتراف ليس مجرد موقف حكومي عابر، بل هو موقف دولة يعكس رؤية استراتيجية طويلة المدى، تعززها المؤسسات الفرنسية المختلفة، بما في ذلك مجلس الشيوخ.
وأوضح الفاتحي في تصريح ل “إعلام تيفي” أن زيارة رئيس مجلس الشيوخ للعيون تعني أن الاعتراف الفرنسي لم يعد مقتصراً على السلطة التنفيذية، بل بات يحظى بدعم المؤسسة التشريعية، مما يضفي عليه طابعا أكثر رسوخا واستدامة. وهذا يعزز مكانة المغرب في المحافل الدولية، ويدعم توجهه نحو كسب مزيد من الاعترافات بسيادته على الصحراء.
وأشار المدير إلى أن الزيارة تبعث برسالة واضحة مفادها أن البلدين ماضيان قدما في تعزيز علاقاتهما الاقتصادية والثقافية والاجتماعية. ويظهر من خلال إطلاق وتنفيذ مشاريع تنموية كبرى في الأقاليم الجنوبية، وهو ما يعكس إصرار المغرب على جعل الصحراء نموذجًا تنمويا متكاملا.
امريكا بين حل النزاع وتعزيز النفوذها
وكشف تقرير نشره موقع “Forty Five” أن أمام الإدارة الأمريكية فرصة تاريخية لحل نزاع الصحراء المغربية، بما يخدم مصالحها الاستراتيجية.
وأعد تقرير الباحث أمين الغلولي من جامعة كينغز كوليدج، مشيراً إلى أن تسوية النزاع ستساعد في كبح النفوذ الصيني بالمنطقة، وتعزز قدرة أمريكا على قيادة الحلول الدولية، وتوطد علاقتها بشركاء مثل المغرب وفرنسا وإسبانيا.
وأشار التقرير إلى أن حل النزاع سيمنع تمدد النفوذ الصيني في منطقة استراتيجية تربط بين البحر المتوسط والمحيط الأطلسي، مع دعم التوافق الدولي حول الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، وهو ما يعزز فرص تسوية دائمة للنزاع.
كما أبرز أهمية التعاون الاقتصادي في الصحراء لتحسين الأوضاع الاجتماعية وتعزيز الاستقرار الداخلي، مؤكداً أن الأمن الإقليمي سيكون محورياً لضمان استدامة الحلول. ودعا التقرير الولايات المتحدة إلى تكثيف الجهود الدبلوماسية لتحقيق الاستقرار.
وأعلنت سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية في الجزائر، إليزابيث مور أوبين، (يوليوز 2024) أن إدارة الرئيس جو بايدن، لم تتراجع عن الاعتراف الأمريكي بالسيادة المغربية على الصحراء، الذي أعلنه سلفه دونالد ترامب، واصفة القرار بأنه أصبح “حقيقة تاريخية”.
وجاء رد السفيرة الأمريكية إثر حوار أجرته مع صحيفة La Patrie News الجزائرية الناطقة بالفرنسية، حيث سئلت بخصوص “توتر العلاقات بين البلدين بعد اعتراف دونالد ترامب بمغربية الصحراء، وتخفيف الأمر من قبل إدارة بايدن”، لتُجيب بأن الاعتراف الأمريكي مستمر ولم يتم التراجع عنه.
ونشرت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية يناير الماضي خريطة المغرب كاملة، بما يشمل أقاليمه الجنوبية، في توقيت حساس يرتبط بعودة دونالد ترامب إلى الساحة السياسية الأمريكية.
وإعتبر عبد الفتاح الفاتحي، مدير مركز الصحراء وإفريقيا للدراسات الاستراتيجية، ان نشر خريطة المغرب كاملة من قبل وكالة الاستخبارات المركزية يُعد تأكيدًا على التزام الولايات المتحدة بتنفيذ التزاماتها في إطار الاتفاق الإبراهيمي. كما أنه يحمل دلالات رمزية وسياسية تعزز الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، الذي أعلنه الرئيس السابق دونالد ترامب في ديسمبر 2020.
وفي تصريح سابق ل”إعلام تيفي” أكد الفاتحي ان هذه الخطوة تشير إلى رغبة الإدارة الأمريكية في الحفاظ على استمرارية هذا الاعتراف والعمل على إنهاء النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.
وأضاف المدير أن عودة الترامب إلى البيت الأبيض قد تدفع نحو تسريع وتيرة هذه الجهود، خاصة مع العلاقة الوثيقة التي تجمع بين المغرب والإدارة الأمريكية منذ عهده في رئاسته السابقة .

وقال ترامب في تغريدة عبر حسابه الرسمي في تويتر إنه اعترف بالسيادة المغربية على الصحراء.

وأعلن الرئيس الأمريكي دعمه لمقترح الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب، موردا “المقترح المغربي الواقعي والجاد للحكم الذاتي هو الأساس الوحيد لحل عادل ودائم لتحقيق السلام الدائم والازدهار”.

وأضاف ترامب، أن “اقتراح المغرب الجاد والواقعي للحكم الذاتي هو الأساس الوحيد لحل عادل ودائم لتحقيق السلام الدائم والازدهار!”.
وتابع ترامب قائلا: “لقد اعترف المغرب بالولايات المتحدة عام 1777.. ومن ثم فمن المناسب أن نعترف بسيادتهم على الصحراء الغربية”.







