الصناع التقليديون بين وعود الحكومة وواقع التهميش

فاطمة الزهراء ايت ناصر 


رغم الأرقام التي قدمها كاتب الدولة المكلف بالصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، الحسن السعدي، خلال رده على سؤال حول وضعية الصناع التقليديين، بدا واضحا أن الجواب اكتفى بالتشخيص والاعتراف بالمشاكل دون تقديم حلول حقيقية قادرة على انتشال آلاف الحرفيين من واقع الهشاشة والمعاناة اليومية.

الوزير تحدث عن أرقام مشجعة من حيث الصادرات التي تجاوزت المليار درهم لأول مرة، وعن أكثر من 2.6 مليون شخص يشتغلون في القطاع، لكن هذه المؤشرات الإحصائية لا تعكس الواقع الذي يعيشه الصناع التقليديون في الأسواق والدكاكين والمناطق النائية، حيث غياب فرص التسويق وارتفاع كلفة المواد الأولية واستغلال الوسطاء ما يزال يقض مضاجعهم.

وبينما أقر الوزير بأن هناك صناعا تقليديين يقاومون بصعوبة وليس لديهم الإمكانيات الكافية، اكتفى بالإشارة إلى تنظيم معارض موسمية وبرامج محدودة لدعم الغرف المهنية وفتح قنوات إلكترونية للتسويق، وهي إجراءات تبقى في جوهرها محاولات ترويجية ظرفية لا تمس جوهر الإشكال البنيوي الذي يهدد القطاع.

فالواقع، كما يتجلى في معاناة الصناع، أعمق من مجرد غياب التسويق، هناك غياب بنية دعم حقيقية، وتهميش للصانع البسيط الذي لا يملك موارد ولا أدوات مواكبة رقمية أو مالية، ما يحتاجه القطاع اليوم ليس فقط أسبوعا وطنيا أو معرضا صيفيا، بل رؤية شمولية تضمن الحماية الاجتماعية، وتوفر المواد الأولية بأسعار منصفة، وتؤطر العلاقة بين الصانع والوسيط والمستهلك.

كلام الوزير، وإن حمل نبرة تفاؤل بالأرقام والمشاريع، لم يقدم أجوبة عملية على الإشكاليات التي يعيشها الصناع التقليديون يوميا؛ فالأزمة ما زالت قائمة، والحرفيون يواصلون عملهم في صمت، متمسكين بإرث أجدادهم، بينما تنتظر الصناعة التقليدية المغربية سياسة عمومية منصفة تعيد الاعتبار للإنسان قبل المنتوج

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى