العراقي ل”إعلام تيفي”: المغرب على أعتاب خطوة تاريخية بإلغاء عقوبة الإعدام

فاطمة الزهراء آيت ناصر: صحافية متدربة

 

يتجه المغرب نحو مقاربة جديدة بشأن عقوبة الإعدام، تعكس التزامه بحماية حقوق الإنسان وتعزيز كرامة الفرد. وفي هذا الإطار، أكد وزير العدل عبد اللطيف وهبي رفضه الشخصي للعقوبة، خلال استضافته في برنامج “نقطة الى السطر”  الذي يبث على القناة الأولى معربًا عن أمله في أن يتجه القرار الرسمي نحو إلغائها بالكامل.

وسبق أن أشار إلى هذا الموقف خلال مشاركة المغرب في المؤتمر الدولي الرابع عشر لوزراء العدل بروما، حيث شددت المملكة على توازنها بين العدالة، كرامة الإنسان، والأمن العام، مع الإشارة إلى إدراج الحق في الحياة كحق أساسي في دستور 2011.

في هذا السياق أكد العراقي مصطفى عضو الائتلاف المغربي ضد عقوبة الإعدام أن المغرب شهد خلال العقود الماضية تطورات ملحوظة فيما يتعلق بعقوبة الإعدام، حيث أُحرزت خطوات إيجابية في هذا الإطار، خاصة منذ تولي الملك محمد السادس العرش. قائلا : “خلال السنوات الـ25 الأخيرة، شملت مبادرات العفو الملكي أكثر من 100 محكوم بالإعدام، حيث تم تخفيض عقوباتهم إلى السجن المحدد، أو الإفراج عن بعضهم لأسباب إنسانية. هذه الدينامية الإيجابية تأتي في سياق دعوات متزايدة لإلغاء عقوبة الإعدام بشكل كامل من المنظومة القانونية المغربية”.

وأكد المتحدث في تصريحه لموقع “إعلام تيفي” أن تصرّيحات وزير العدل الأخيرة  تندرج ضمن هذا السياق، مؤكدًا أن العفو من اختصاص الملك، ومشيرًا إلى وجود محكومين بالإعدام ضمن قوائم العفو التي تصدر في المناسبات الوطنية والدينية. ويُنتظر أن يتخذ المغرب خطوة تاريخية بإلغاء العقوبة نهائيًا، انسجامًا مع الدستور الذي يكفل الحق في الحياة، ومع المطالب الحقوقية الوطنية والدولية.

وأشار العراقي أن عقوبة الإعدام في المغرب لم تُنفذ منذ عام 1993، حيث اقتصر تنفيذها منذ الاستقلال على 43 حالة، معظمها كانت بدوافع سياسية، أو خلال فترات الانقلابات العسكرية في سبعينيات القرن الماضي. أما الحالات الجنائية، فقد كانت نادرة جدًا، ومن أبرزها قضية الكوميسير ثابت.

ومع ذلك، فإن نقاشًا واسعًا حول العقوبة أُثير خلال العقدين الماضيين، خاصة مع تأسيس الائتلاف المغربي لإلغاء عقوبة الإعدام، الذي نظّم العديد من الفعاليات لدعم هذا المطلب.

وحول المفارقة التي تشهدها عقوبة الإعدام؛  قال المتحدث “فعلى الرغم من توقف تنفيذها منذ عام 1993، واستمرار جلالة الملك على مدى ربع قرن في إصدار عفو عن محكومين بهذه العقوبة، لا تزال هناك أصوات ترفض التقاط هذه الإشارات الإيجابية.

البعض يستند إلى تفسيرات ضيقة لآيات قرآنية ويستخدمها في كل نقاش حول تعديل القانون الجنائي، بل يرفض مواكبة التطورات العالمية التي تتجه نحو إلغاء الإعدام، حيث بلغ عدد الدول التي ألغت العقوبة نحو 115، مع انضمام دول جديدة سنويًا”.

وأضاف “والمفارقة الأخرى تكمن في امتناع المغرب، رغم توقفه عن تنفيذ الإعدام منذ ثلاثة عقود، عن التصويت لصالح قرار “الموراتوريوم” الذي تعرضه الجمعية العامة للأمم المتحدة كل سنتين لتعليق تنفيذ العقوبة عالميًا.”

وقال مع تولي المغرب رئاسة مجلس حقوق الإنسان، تزايدت الآمال في اتخاذ خطوة حاسمة لإلغاء هذه العقوبة البشعة، تماشيًا مع توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة ودستور 2011، الذي أكد على الحق في الحياة.

وأكد المتحدث على ضرورة إلغاء عقوبة الإعدام لتعزيز صورة المغرب كدولة تحترم حقوق الإنسان وتدافع عن الحريات، ويُسهم في بناء دولة ديمقراطية قوية بمؤسساتها ومكانتها الإقليمية والدولية. وقال “هذه الخطوة المنتظرة لن تكون مجرد مطلب حقوقي، بل إضافة نوعية لمسار الإصلاحات التشريعية والمؤسساتية التي تعكس قيم العدالة والكرامة الإنسانية”.

وشهدت السنوات الأخيرة دعوات متكررة من جمعيات حقوقية ونشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي لتنفيذ عقوبة الإعدام في حق مرتكبي جرائم شنيعة هزّت المجتمع المغربي. كقضية الطفل عدنان بوشوف بمدينة طنجة عام 2020 التي خلقة موجة غضب عارمة، إذ تعرّض لهتك العرض قبل أن يُقتل ويدفن في مكان خالٍ. ومقتل الطفلة نعيمة بدوار تفركالت في زاكورة، وقبل ذلك، كانت جرائم “سفاح تارودانت”، علي الحاضي، الذي اغتصب وقتل 11 طفلًا، من بين أبرز الجرائم التي جددت النقاش حول تطبيق عقوبة الإعدام في المغرب.

ومع كل جريمة شنيعة تهز المغرب خاصة المتعلقة بالأطفال، يتجدد الجدل حول ضرورة تشديد العقوبات على الجناة، وصولاً إلى عقوبة الإعدام التي تظل محور نقاش مستمر لم يحسم أمره منذ أكثر من ثلاثة عقود.

ووفقًا لتقرير سابق أصدره المجلس الوطني لحقوق الإنسان. بلغ عدد المحكومين بعقوبة الإعدام في المغرب 83 شخصًا حتى سنة 2023، من بين هؤلاء، 81 شخصًا صدرت ضدهم أحكام نهائية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى