العقار في المغرب.. سوق محكوم بالمضاربات وأسعار السكن خارج متناول المواطنين (تقرير)

حسين العياشي

كشف مجلس المنافسة في تقريره السنوي أن قطاع العقار في المغرب يعيش على وقع اختلالات عميقة، جعلت حلم السكن بالنسبة لآلاف الأسر بعيد المنال. فالسوق، عوض أن يكون محركاً للتنمية ومجالاً مفتوحاً أمام المنافسة، تحول إلى فضاء للمضاربات والاحتكار، حيث تسيطر قلة من المنعشين العقاريين على العرض وتحدد الأسعار بعيداً عن منطق التوازن بين العرض والطلب.

التقرير أوضح أن تكلفة السكن لم تعد مرتبطة بالكلفة الحقيقية للبناء، بل تخضع لمنطق “المزايدات العقارية” التي ترفع الأسعار بشكل مصطنع، في غياب آليات صارمة لضبط السوق. هذا الوضع أدى إلى تضخم غير مسبوق في أثمنة الشقق والمساكن، خصوصاً في المدن الكبرى مثل الدار البيضاء والرباط ومراكش، حيث تجاوزت الأسعار القدرة الشرائية لشرائح واسعة من الطبقة المتوسطة.

كما سجل المجلس أن غياب الشفافية في الولوج إلى العقار، وارتفاع أثمنة الأراضي، وتعقد المساطر الإدارية، كلها عوامل ساهمت في إضعاف المنافسة الحقيقية، ما جعل السوق رهينة بيد فاعلين معدودين يملكون إمكانيات مالية ضخمة وشبكات نفوذ واسعة.

إلى جانب ذلك، أشار التقرير إلى أن برامج السكن الاجتماعي التي راهنت عليها الدولة لم تحقق أهدافها كاملة، إذ تحولت في حالات عديدة إلى فرصة للمضاربة بدل أن تكون أداة لتمكين الأسر محدودة الدخل من الحصول على مسكن لائق.

وأمام هذه الاختلالات، دعا مجلس المنافسة إلى إصلاح شامل للمنظومة العقارية يقوم على تعزيز الشفافية، وتبسيط المساطر الإدارية، ومحاربة المضاربات، وفتح المجال أمام مقاولات صغيرة ومتوسطة لتقديم عروض بديلة قادرة على خلق التوازن داخل السوق. كما شدد على ضرورة إعادة النظر في برامج الدعم العمومي للسكن الاجتماعي حتى توجه فعلاً إلى الفئات المستهدفة.

الخلاصة أن المجلس دق ناقوس الخطر: استمرار الوضع على ما هو عليه يعني مزيداً من إقصاء الأسر المغربية من حقها الدستوري في السكن اللائق، وتفاقم الفوارق الاجتماعية في المدن الكبرى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى