غالي ل”إعلام تيفي”: “وثائق التعمير أداة وقائية لحماية الأطفال في الفضاءات الحضرية”

فاطمة الزهراء ايت ناصر

أكد الدكتور مراد غالي، الباحث في السياسات العامة، أن تصميم الفضاءات الحضرية يمكن أن يؤثر بشكل كبير على السلوك البشري ومستويات الجريمة.

وأوضح ل”إعلام تيفي” أن وثائق التعمير، بما فيها تصاميم التهيئة ومخططات استعمال الأراضي وضوابط البناء، تشكل الأدوات القانونية والتنظيمية التي تترجم هذه الأفكار إلى واقع ملموس على الأرض، مشيراً إلى أن هذه الوثائق تلعب دوراً محورياً في حماية الأطفال.

واستعن غالي بمفهوم تصميم الفضاءات العامة المفتوحة والآمنة، مشيراً إلى أن الحدائق وملاعب الأطفال يجب أن تكون مرئية بوضوح من الشوارع والمباني المجاورة، مع تجنب الزوايا المعزولة والأشجار الكثيفة التي تحجب الرؤية.

وأوضح أن الساحات العامة ينبغي أن تشجع التجمعات العائلية والأنشطة المجتمعية، مع وضع الملاعب في أماكن مركزية مضاءة جيداً، بدلاً من أطراف الأحياء المهجورة، لضمان حضور دائم للأشخاص وتعزيز الأمان.

وكشف المتحدث أن المراقبة الطبيعية للأماكن، أو ما يُعرف بـ”عيون على الشارع”، تعتبر عاملاً أساسياً للحد من الجريمة.

وأشار غلى أن وثائق التعمير تضمن ذلك من خلال تشجيع الاستخدام المختلط للأراضي، ووجود المحلات التجارية والمقاهي والمكاتب في الطوابق الأرضية، بالإضافة إلى تصميم المباني بحيث تطل النوافذ والشرفات على الشوارع والحدائق العامة، وتقييد ارتفاع الأسوار والجدران الصلبة لمنع خلق نقاط عمياء ومعزولة عن الرقابة.

واستعن كذلك بالإضاءة الكافية كأداة أمنية، موضحاً أن وثائق التعمير تفرض معايير دقيقة لشدة الإضاءة في الشوارع والأزقة والممرات ومواقف السيارات، مع ضمان استمرارية الإضاءة وعدم وجود مساحات مظلمة، خصوصاً في المسارات التي يسلكها الأطفال من وإلى المدارس والمراكز المجتمعية.

وكشف أن تنظيم استعمالات الأراضي يعد من أقوى أدوات الحماية، من خلال إنشاء مناطق عازلة تمنع الأنشطة التي قد تجذب سلوكيات خطرة بالقرب من المدارس والحدائق، وتحديد مواقع المرافق الحساسة لتكون سهلة الوصول إليها وآمنة، بعيداً عن المناطق الصناعية أو المهجورة.

وأكد الباحث أن تصميم مسارات آمنة للأطفال، بما في ذلك أرصفة واسعة ومنفصلة عن حركة السيارات ومعابر مشاة واضحة ومضيئة ومسارات للدراجات الهوائية، يساهم بشكل كبير في حماية الأطفال خلال رحلاتهم اليومية من وإلى المدرسة. وأوضح أن الصيانة والتدبير الحضري لهما دور مكمل، من خلال الالتزام بالصيانة الدورية للأضواء والأرصفة والحدائق، وإزالة الكتابات على الجدران، بالإضافة إلى إعادة تأهيل المباني والأراضي المهجورة التي قد تتحول إلى أماكن خطرة.

وأعرب عن وجود تحديات تواجه تنفيذ هذه الوثائق، أبرزها فجوة التطبيق على أرض الواقع، صعوبة تعديل النسيج العمراني القديم، ونقص الوعي لدى المخططين والمهندسين المعماريين، بالإضافة إلى أهمية تكامل هذه الوثائق مع برامج التوعية المجتمعية والرقابة الأسرية.

وأكد أن وثائق التعمير ليست مجرد أدوات تنظيمية للبناء والخدمات، بل هي خط دفاع أول وقائي لحماية الأطفال، حيث تساعد على خلق بيئات حضرية حيوية ومفتوحة ومراقبة بشكل طبيعي، ما يقلل بشكل كبير من الفرص التي تسمح بوقوع الاعتداءات ويجعل المدن أماكن أكثر أماناً لنمو الأطفال وازدهارهم.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى