الغلاني ل”إعلام تيفي”: “إشراك الأحزاب في تحيين مبادرة الحكم الذاتي يعزز المقاربة التشاركية في قضية الصحراء” (حوار)

فاطمة الزهراء ايت ناصر
بأمر من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، انعقد يوم 10 نونبر 2025 بالديوان الملكي اجتماع ترأسه مستشارو الملك مع زعماء الأحزاب الوطنية، بحضور وزير الداخلية ووزير الشؤون الخارجية، خصص لتحيين وتفصيل مبادرة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية، تنفيذا لخطاب الملك السامي وقرار مجلس الأمن 2797.
وخلال الاجتماع، أكدت الأحزاب دعمها للخطوات الملكية، وإشادتها بالمقاربة التشاركية، وتعهدت بتقديم تصوراتها ومقترحاتها للمقام السامي، بما يضمن وحدة المغرب وعودة إخواننا بمخيمات تندوف والمساهمة في تدبير شؤونهم المحلية.
ولفهم الغاية من هذه الخطوة أجرى “إعلام تيفي” حوار مع المحلل السياسي الغالي الغلاني، وفي هذا السياق أكد المحلل أن إشراك الأحزاب السياسية في تحيين مبادرة الحكم الذاتي يعكس الرؤية الملكية التشاركية والديمقراطية، ويعزز المشروعية الوطنية والدولية لهذه المبادرة، كما يمثل فرصة تاريخية لحسم قضية الصحراء المغربية وضمان عودة إخواننا في مخيمات تندوف والمساهمة في بناء مغرب موحد ومستقر.
إليكم نص الحوار:
كيف تقرأون مبادرة جلالة الملك بدعوة الأحزاب للمشاركة في بلورة تصور محين لمبادرة الحكم الذاتي؟
هذه المبادرة الملكية السامية تأتي أولا لتنزيل مضامين الخطاب الملكي المؤرخ في 31 أكتوبر، والذي جاء عقب القرار التاريخي لمجلس الأمن رقم 2797، الذي أكد مجددا أن الحل الواقعي والجاد لقضية الصحراء المغربية هو مبادرة الحكم الذاتي تحت سيادة المملكة المغربية.
إشراك الأحزاب في هذا الورش الاستراتيجي يترجم إيمان جلالة الملك بالمقاربة التشاركية، ويعزز الدور الدستوري للأحزاب كما نص عليه الفصل السابع من الدستور، باعتبارها أداة لتأطير المواطنين وتمثيل الإرادة الشعبية في القضايا الوطنية الكبرى.
إشراك الأحزاب السياسية يتيح لها رفع تصوراتها ومقترحاتها للمقام السامي، بما يضمن المشروعية الوطنية والدولية للمبادرة، فهي تمثل فرصة تاريخية لحسم قضية الصحراء، وتحويل النزاع الإقليمي الطويل إلى مسار تنموي واستراتيجي، حيث تحولت الصحراء المغربية بفضل الرؤية الملكية إلى منطقة أمن واستقرار وتنمية، كما أصبحت منصة استراتيجية للتعاون الإفريقي والأوروبي.
ما أهمية هذا التحرك في ضوء التطورات الوطنية والدولية التي تعرفها القضية؟
يجب التذكير أن السياق اليوم مختلف تماما عن سنة 2007، تاريخ تقديم المبادرة المغربية لأول مرة فداخليا، المغرب يتوفر على دستور 2011 الذي كرس الخيار الديمقراطي كأحد الثوابت الدستورية، وأطلق النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية سنة 2015، ما جعل المنطقة تعرف طفرة اقتصادية وتنموية غير مسبوقة.
أما خارجيا، فهناك تحول نوعي في الموقف الدولي، إذ أصبحت المبادرة المغربية تحظى بإجماع دولي واسع، واعتبرت الحل الأكثر جدوى وواقعية لإنهاء هذا النزاع الذي دام لنصف قرن والقرار الأممي الأخير اشار إلى ذلك بوضوح، حين كرر ست مرات الإشارة إلى مبادرة الحكم الذاتي كمرجع أساسي لأي تسوية سياسية.
هذه المبادرة لا تمثل مجرد نصر دبلوماسي، بل محطة تاريخية وطنية ودولية، تعكس حرص المغرب على الدفاع عن حقوقه المشروعة، وترسيخ مغربية الصحراء كأساس للتفاوض وحل النزاع الإقليمي بشكل نهائي.
ما الرسائل التي تحملها هذه الخطوة الملكية للأطراف الأخرى المعنية بالنزاع؟
المبادرة الملكية لتحديث الحكم الذاتي لا تقتصر على معالجة البعد السياسي للنزاع، بل تتضمن بعدا إنسانيا مهما، يتمثل في ضمان عودة إخواننا في مخيمات تندوف إلى وطنهم الأم والمشاركة في بناء مستقبلهم مع إخوتهم بالأقاليم الجنوبية، وفق إطار المغرب الموحد والديمقراطي.
هذا التوجه يأتي انسجاما مع قرار مجلس الأمن رقم 2797 وتقرير الأمين العام للأمم المتحدة الذي أشار إلى الأزمة الإنسانية الخانقة التي تعانيها هذه المخيمات.
كما تعكس هذه الخطوة حس المسؤولية الإنسانية والديبلوماسية للمغرب، حيث تسعى المبادرة إلى دمج سكان المخيمات في تدبير شؤونهم المحلية، وتمكينهم من المشاركة الفعلية في التنمية والأمن والاستقرار بالأقاليم الجنوبية، ما يجعل من المبادرة محطة إجماع وطني ودولي ويعزز المشروعية الوطنية والدولية للحل المغربي لقضية الصحراء.





