الفن.. جسر التواصل الإنساني يتجدد من خريبكة

فاطمة الزهراء ايت ناصر
أكدت الباحثة د. علياء العزي، في ورقتها العلمية الموسومة بـ”الفن ولغة الحوار: بناء جسور التعايش في المجتمعات المعاصرة”، أن الفن ليس مجرد وسيلة جمالية، بل هو لغة حية تخاطب الإنسان في جوهره، وتُعيد تشكيل العلاقات بين الأفراد والشعوب، بعيدا عن الاختلافات اللغوية أو الثقافية.
الورقة التي قُدمت في إطار فعاليات الملتقى الدولي لفناني القصبة في نسخته الحادية عشرة، بكلية مولاي سليمان متعددة التخصصات، جاءت ضمن برنامج علمي ضم أكثر من عشرين مداخلة حول دور الفنون في بناء التفاهم وتعزيز قيم العيش المشترك.
وأوضحت د. العزي أن الفن يشكّل وسيلة فريدة للتواصل الإنساني، مشيرة إلى نماذج ملموسة تبين كيف يُسهم في تخفيف التوترات المجتمعية وتجاوز الانقسامات. وأكدت أن الفن، في زمن التحديات والتباعد الاجتماعي، بإمكانه أن يصبح منصة جامعة تعيد الإحساس بالانتماء، وتحفز الحوار والتفاعل الإنساني الحقيقي.
وكشفت الباحثة في عرضها عن العقبات التي تحد من قدرة الفنون على لعب هذا الدور المحوري، مستعرضة في الآن ذاته تصورات عملية لإعادة توجيه الطاقات الإبداعية نحو خلق فضاءات تواصل حقيقية داخل المجتمع. وخرجت بعدد من التوصيات، أبرزها ضرورة دمج الأنشطة الفنية في السياسات التربوية والاجتماعية لما لها من قدرة على تقليص الفجوات وتقريب وجهات النظر بين مختلف الفئات.
وجاءت هذه المداخلة في سياق ملتقى استثنائي انطلقت فعالياته يوم السبت 11 أبريل بالخزانة الوسائطية التابعة للمجمع الشريف للفوسفاط بخريبكة، تحت شعار “الفن، لغة عالمية للتقريب بين الشعوب”. وهو الحدث الذي نظمته عدة هيئات وطنية، منها المركز المغربي للتقييم والبحث التربوي، ومركز التوجيه والتخطيط التربوي، إلى جانب جمعيات فنية وبدعم من المكتب الشريف للفوسفاط.
وشهد الملتقى مشاركة فنانين من أكثر من 10 دول، من بينها إسبانيا ضيفة شرف الدورة، إلى جانب فنانين من فرنسا، تركيا، قطر، العراق، روسيا، وتونس. وعُرضت خلاله أعمال فنية متنوعة جمعت بين التعبيرات المحلية والتجارب العالمية، وسط أجواء من التفاعل الثقافي والانفتاح الإبداعي.
إلى جانب المعارض، تميز البرنامج بتنظيم ورشات مفتوحة ولقاءات حوارية وزيارات ميدانية، في تجربة رامت تحويل المدينة إلى مسرح حي للفن والحوار. وقد اختُتمت هذه التظاهرة الثقافية بإقامة معرض فني جماعي، شارك فيه أكثر من 80 فنانا، في مشهد بصري يعكس روح الانفتاح والإلهام، ويؤكد من جديد أن الفن لا يزال من أقوى الوسائل لتجسير الهوة بين البشر.





