الكسابون الصغار بين الديون والدعم الحكومي..حموني يُنبه إلى إقصائهم من الدعم

فاطمة الزهراء ايت ناصر

في ظل الأزمة الخانقة التي يعيشها قطاع تربية الماشية بالمغرب، وفي أعقاب التوجيهات الملكية السامية لإعادة هيكلة القطيع الوطني، عادت قضية الكسابين الصغار إلى واجهة النقاش البرلماني.

ووجه رشيد حموني، رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، سؤالًا كتابيًا إلى وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، حول تدابير استفادة هذه الفئة من الدعم الحكومي، لاسيما ما يتعلق بإعفاء أو جدولة الديون المستحقة عليهم تجاه أشخاص ذاتيين، من تجار ومزودي أعلاف وغيرهم.

ويأتي هذا السؤال في سياق تنزيل البرنامج الحكومي لدعم مربي الماشية برسم سنتي 2025 و2026، الذي رصدت له ميزانية تُقدّر بـ6.2 مليار درهم، ويشمل عدة محاور، أبرزها دعم الأعلاف، تقديم مساعدات مباشرة، وإطلاق حملات علاجية للقطيع، بالإضافة إلى إلغاء جزئي أو إعادة جدولة الديون المتراكمة.

غير أن النائب البرلماني لفت إلى نقطة دقيقة ومفصلية في هذا المخطط، وهي أن شريحة واسعة من الكسابين الصغار لا تلجأ إلى الأبناك أو مؤسسات القروض الصغرى والمتوسطة، بل تعتمد على الاقتراض من تجار أعلاف أو ممونين خواص، ما يضعهم خارج دائرة الاستفادة الفعلية من هذا البرنامج في صيغته الحالية.

وفي سؤاله، دعا حموني الوزارة الوصية إلى اتخاذ إجراءات عملية لضمان استفادة هذه الفئة، التي تعاني في صمت، من نفس فرص الإعفاء والدعم، مشددًا على أهمية إدماج الديون تجاه الأشخاص الذاتيين ضمن تدابير الإلغاء أو الجدولة، إنصافًا للكسابين الذين يعيشون تحت وطأة تراكم القروض وارتفاع أسعار العلف وتدهور المردودية.

ويترقب المهنيون والمهتمون رد الوزارة على هذا السؤال، في أفق معرفة ما إذا كانت الحكومة مستعدة لتوسيع مظلة الدعم لتشمل الدائنين الخواص، عبر حلول توافقية أو آليات إشراف جديدة تُمكّن الكسابين من إعادة ترتيب أوضاعهم المالية دون إقصاء أو تمييز.

وتعيش فئة الكسابين الصغار بالمغرب وضعية صعبة ومتفاقمة في السنوات الأخيرة، نتيجة توالي سنوات الجفاف وارتفاع أثمان الأعلاف بشكل غير مسبوق، إلى جانب غياب آليات تمويل مرنة تراعي خصوصية هذه الفئة. أغلب الكسابة لا تربطهم علاقة مباشرة بالمؤسسات البنكية أو بالقروض الرسمية، بل يعتمدون على الاقتراض من تجار خواص وأصحاب محلات الأعلاف، ما يجعلهم عرضة للضغط والإفلاس في حالة عدم القدرة على السداد، دون أي حماية قانونية أو اجتماعية.

هذه الوضعية الهشة أدت إلى تراجع أعداد القطيع وضعف القدرة على التجديد والإنتاج، خاصة في المناطق القروية النائية، حيث يشكل النشاط الرعوي مصدر العيش الوحيد لعائلات بأكملها. كما أن غياب التأطير والتكوين وعدم استفادة الكثيرين من برامج الدعم والمواكبة، يجعل من أزمة الكسابين الصغار مسألة ملحّة تتطلب تدخلاً شاملاً يأخذ بعين الاعتبار واقعهم الميداني وتحدياتهم اليومية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى