المجلس الاقتصادي يحدد فرص المغرب وتحدياته أمام آلية تعديل الكربون الأوروبية 2026

حسين العياشي

مع اقتراب تطبيق “آلية تعديل الكربون على الحدود الأوروبية” في يناير 2026، يترقب القطاع الاقتصادي المغربي بحذر هذه الخطوة التي قد تعيد تشكيل خريطة التصدير الوطني، خاصة للسلع الصناعية والطاقة “intensive”. المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، خلال جلسته العادية رقم 173 برئاسة عبد القادر عمارة، تبنى رأيًا بالإجماع يوضح التأثيرات المحتملة لهذه الآلية على المغرب ويستشرف الفرص الكامنة فيها.

الآلية الأوروبية الجديدة، تفرض رسوماً على الواردات وفق مستوى الانبعاثات الكربونية المرتبطة بإنتاجها، ما يضع المغرب أمام اختبار مزدوج: تقليل البصمة الكربونية للمنتجات المحلية أو مواجهة ارتفاع كلفة التصدير لأوروبا. القطاعات الأكثر حساسية تشمل الصناعات المعدنية، الاسمنت، الأسمدة، والكهرباء، التي تعتمد على الوقود الأحفوري بشكل كبير.

ورغم التحديات، يرى خبراء المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أن المغرب يمتلك رصيدًا مهمًا للاستفادة من هذه الآلية. فالاستثمارات المتنامية في الطاقة الشمسية والرياح، ومبادرات تحسين كفاءة الطاقة في الصناعات الكبرى، تمنح المملكة قدرة على خفض انبعاثات الكربون ومواكبة المعايير الأوروبية.

كما يفتح هذا الإجراء الباب أمام المغرب لتعزيز صورته كدولة صديقة للبيئة ومصدّر مسؤول، ما قد يجذب مستثمرين دوليين يبحثون عن أسواق متوافقة مع متطلبات الاقتصاد الأخضر. المجلس يشير إلى أن دمج هذه الاستراتيجية في سياسات القطاعين الصناعي والزراعي قد يساهم في رفع القيمة المضافة للمنتجات الوطنية ويزيد من قدرتها التنافسية في الأسواق الدولية.

إلا أن الرأي الصادر عن المجلس لا يغفل المخاطر. فعدم الاستعداد الكافي للقطاعات الصناعية قد يؤدي إلى فقدان حصتها في السوق الأوروبية، وإلى ضغوط مالية على الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تعاني أصلاً من تكاليف الإنتاج المرتفعة. بالتالي، يشدد المجلس على ضرورة تطوير برامج دعم حكومية ومواكبة القطاع الخاص للتحول الأخضر بشكل سريع وفعّال.

في ظل هذه المعطيات، يبدو أن المغرب أمام مفترق طرق: إما اعتباره الآلية الأوروبية تهديدًا صعبًا، أو استغلالها كفرصة تاريخية لتسريع التحول نحو اقتصاد منخفض الانبعاثات وتعزيز مكانته في سلاسل القيمة الدولية. المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي يضع هذه الرؤية في صلب توصياته، داعيًا إلى تنسيق جهود القطاعين العام والخاص لضمان استجابة متوازنة وناجعة للتحديات الجديدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى