
حسين العياشي
يواصل شباب مدينة المحمدية التعبير عن مطلب بات اليوم من أولوياتهم الاجتماعية، يتمثل في إحداث دور شباب جديدة قادرة على مواكبة التحولات الديموغرافية والعمرانية التي تعرفها المدينة، في ظل خصاص واضح في البنيات التحتية الموجهة للفئات الشابة. فمدينة آخذة في الاتساع، وتعرف نموًا سكانيًا متسارعًا، ما تزال تكتفي بمؤسستين فقط، هما دار الشباب العربي بالمدينة السفلى ودار الشباب ابن خلدون بحي العالية، وهي مؤسسات لم تعد، بحكم واقعها الحالي، قادرة على الاستجابة لحاجيات آلاف الشباب الباحثين عن فضاءات للتأطير والإبداع.
هذا الواقع يفرض صعوبات يومية على شريحة واسعة من شباب المدينة، خاصة أولئك القاطنين بالأحياء البعيدة عن مركز النشاط الشبابي، مثل رياض السلام شرقًا، والنسيم والحسنية غربًا. فالمساحة الجغرافية الواسعة للمحمدية وتباعد أحيائها يحولان دون ولوج عدد كبير من الشباب إلى هاتين المؤسستين، إما بسبب بعد المسافة أو ضعف وسائل النقل، ما يجعل الاستفادة من الخدمات الثقافية والتربوية امتيازًا محدودًا لا حقًا متاحًا للجميع.
ويرى المعنيون بهذا الملف أن الإبقاء على هذا الوضع لا ينسجم مع الأدوار المنتظرة من السياسات العمومية في مجال الشباب، ولا مع الرهانات المرتبطة بإدماج هذه الفئة في الحياة الاجتماعية والثقافية. فدور الشباب ليست مجرد بنايات إسمنتية، بل فضاءات حيوية لصقل المواهب، وتنمية الإبداع، واحتضان الأنشطة الثقافية والفنية والرياضية، إضافة إلى دورها الوقائي في الحد من مظاهر الانحراف، من خلال توفير بدائل تربوية وتأطيرية تستجيب لانتظارات الشباب وتطلعاتهم.
وأمام هذا الخصاص، يتجدد الأمل لدى شباب المحمدية في أن تجد مطالبهم صدى لدى السلطات المحلية والمجالس المنتخبة، خاصة وأن هذا المطلب ظل يتكرر لسنوات دون أن يترجم إلى مشاريع ملموسة على أرض الواقع. فإدراج إحداث دور شباب جديدة ضمن برامج التأهيل الحضري والتنمية المحلية لم يعد ترفًا، بل أصبح ضرورة تفرضها التحولات الاجتماعية والضغط المتزايد على البنيات القائمة.
وبين انتظار الاستجابة الرسمية واستمرار الواقع على حاله، يظل شباب المحمدية متشبثين بحقهم في فضاءات عمومية تليق بطموحاتهم، وتمنحهم فرصة التعبير والمشاركة والاندماج، في مدينة يفترض أن تجعل من الاستثمار في شبابها رهانًا حقيقيًا للتنمية، لا مجرد شعار مؤجل.





