المختلون عقليًا بين انتقادات البرلمان وتبريرات الوزير التهراوي

فاطمة الزهراء ايت ناصر

في جلسة الأسئلة الشفهية بمجلس النواب بتاريخ 26 ماي 2025، أثار النائب البرلماني محمد البوعمري، عن الفريق الاشتراكي المعارض الاتحادي، قضية انتشار المختلين عقليًا في الشوارع العامة، معتبرًا ذلك إحدى مظاهر فشل الحكومة في تدبير هذه المشكلة الإنسانية والاجتماعية الصحية.

وأكد البوعمري أن السبب الرئيسي وراء هذا الفشل يكمن في ضعف الخدمات الصحية المقدمة لهذه الشريحة الهشة من المجتمع، فضلاً عن قلة المستشفيات العمومية المختصة، مشيراً إلى مستشفى برشيد كمثال على المستشفيات المزدحمة التي لم تعد قادرة على استيعاب الأعداد الكبيرة من المرضى، وهو وضع يتكرر في عدد من المستشفيات عبر ربوع المملكة.

ونبه النائب إلى أن هذا النقص في الخدمات والتكفل ينعكس سلبًا على المحيط الأسري والاجتماعي للمختلين، ويشكل مخاطر حقيقية على السلامة العامة، مشيراً إلى حالات محددة مثل تواجد نساء مختلات في وضعية حمل في الشوارع.

ورغم أن الحكومة أعلنت عن بعض الإجراءات التي تشمل توسيع هيكلة المستشفيات والعمل على نقل المرضى النفسيين نحو المدن الصغيرة والضواحي، اعتبر البوعمري أن هذه الإجراءات تبقى غير كافية وغير ملموسة على أرض الواقع، خاصة إذا لم تكن هناك إرادة فعلية للاستثمار في هذه الفئة التي لا تُعد “مستفيدة” بشكل مباشر من النظام الصحي الحالي.

في ردّه، أقرّ وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي، ببعض الحقائق التي عرضها النائب، مشيرًا إلى غياب منظومة للتكفل الفوري بالمرضى النفسيين، ما يؤدي إلى ظهور بعض الحالات في الشوارع.

ولفت إلى أن هذه الوضعية تفرض على الوزارة التعاون المكثف مع الأطر الصحية والاجتماعية المعنية لإيجاد حلول فعالة لهذه المشكلة.

وأوضح الوزير أن المرض النفسي يُعد مرضًا كباقي الأمراض الأخرى، وأن المستشفيات ليست هي الحل الوحيد للمشكلة، مشيرًا إلى أهمية بناء منظومة متكاملة لإعادة الإدماج الاجتماعي والأسري للمرضى بعد فترة العلاج، وهو جانب لم يتم تطويره بالشكل المطلوب حتى الآن.

وأكد أن الوزارة تلاحظ نقصًا في هذه المنظومة، وهو ما يتطلب توحيد الجهود بين جميع الفاعلين لضمان عودة المرضى النفسيين إلى حياتهم الطبيعية.

ويشهد عدد من مدن المملكة تنامي ظاهرة انتشار المختلين عقليًا في الشوارع، حيث باتت هذه الفئة الهشة تعيش في أوضاع إنسانية مقلقة، دون رعاية طبية أو اجتماعية كافية. ويثير هذا الوضع مخاوف متزايدة لدى المواطنين بسبب ما قد يشكله من تهديد على السلامة العامة، خصوصًا في ظل غياب منظومة للتكفل الفوري والمتخصص.

وسبق أن عرفت مدينة ابن أحمد حادثة مأساوية، بعدما أقدم أحد المختلين عقليًا على قتل رجل،وبعد أيام من البحث عن بقايا الأشلاء البشرية التي وزعت بأكياس سوداء، بين المسجد وحقل زراعي قريب من مسرح الجريمة، تمكنت الشرطة من إلقاء القبض على مشتبه به، يعاني من اضطرابات نفسية وفق ما أكدت تقارير صحافية محلية.

ما خلّف حالة من الذعر في صفوف السكان وأعاد إلى الواجهة النقاش حول مسؤولية الدولة في حماية المختلين وحماية المجتمع منهم في الوقت ذاته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى