المخرج المغربي البهروتي: المغرب رعى الثورة الجزائرية والتاريخ لا يُزوَّر

زوجال قاسم
أكد المخرج المغربي حسن البهروتي أن فيلمه الوثائقي الجديد “استقلال الجزائر، قضية مغربية” يأتي في إطار واجب الذاكرة واستحضار الروابط التاريخية العميقة بين المغرب والجزائر، مبرزاً الدور المحوري الذي اضطلعت به المملكة، دولةً وشعباً، في دعم الثورة الجزائرية منذ بداياتها.
وأوضح البهروتي، في تصريحات صحفية، أن فكرة إنجاز هذا الشريط الوثائقي برزت بعد إنتاج فيلم سابق تناول دعم المغرب لحركات التحرر الإفريقية، مشيراً إلى أن حجم المعطيات المرتبطة بالثورة الجزائرية وتداخلها الوثيق مع الموقف المغربي جعل من الضروري تخصيص عمل مستقل يرصد مختلف جوانب هذه المرحلة التاريخية.
وأضاف أن الفيلم، الذي يمتد على مدى 93 دقيقة، يوثق بالأرشيف والشهادات لمسار طويل من الدعم المغربي للثورة الجزائرية قبل الاستقلال وبعده، بعيداً عن أي طابع دعائي.
وأشار المخرج إلى أن الوثائقي يتضمن رسائل موجهة للأجيال الحالية والقادمة، لاسيما في ظل ما اعتبره “تشويهاً” لبعض الحقائق التاريخية من قبل أطراف جزائرية رسمية، مؤكداً أن الأحداث التي يتناولها الشريط ثابتة وموثقة ولا يمكن القفز عليها.
وأبرز، في هذا السياق، أن المغرب لم يكتفِ بدعم الثورة الجزائرية مادياً ولوجستياً، بل “رعاها” فعلياً في مراحل متعددة، كما استحضر بالمقابل مواقف الجزائريين الداعمة للشرعية المغربية خلال فترة نفي المغفور له محمد الخامس، ومنها المظاهرات التي شهدتها مدن جزائرية دعمًا للسلطان.
كما يستعرض الفيلم، حسب البهروتي، السياق التاريخي الذي يعود إلى ما بعد التوغل الفرنسي في الجزائر سنة 1830، وما ترتب عن ذلك من تحولات على مستوى الحدود الشرقية للمملكة، مؤكداً أن المغرب رفض حينها أي تفاوض مع القوة الاستعمارية بشأن المناطق التي اقتُطعت من أراضيه، على أساس أن تسوية هذه الملفات ينبغي أن تتم مع الدولة الجزائرية المستقلة مستقبلاً.
واعتبر أن تطورات ما بعد الاستقلال، بما فيها أحداث سنة 1963، كثيراً ما تُقدَّم بروايات “غير دقيقة”، مشدداً على أن المغرب لم يكن طرفاً مبادراً بالهجوم.
ويؤكد الشريط كذلك، حسب مخرجه، أن العلاقات المغربية–الجزائرية تظل محكومة بروابط التاريخ والجغرافيا، وأن مستقبل البلدين – كما شدد على ذلك مراراً جلالة الملك محمد السادس – يقوم على المصير المشترك ووحدة المصالح.
وأعرب البهروتي عن ثقته بأن التقارب بين الشعبين يظل خياراً حتمياً، مسجلاً أن الجزائريين الذين تواصل معهم خلال مراحل إعداد الفيلم يتقاسمون هذا الوعي بأهمية بناء علاقة سليمة بين الجارين.
وبخصوص مسألة الحدود، أبرز المخرج أن الفترة الاستعمارية لم تعرف حدوداً بالمعنى المتعارف عليه اليوم، وأن مناطق واسعة من الغرب الجزائري كانت تابعة للسيادة المغربية تاريخياً، مستحضراً دعم السلطان عبد الرحمن بن هشام للمقاومة التي قادها الأمير عبد القادر، رغم الضغوط العسكرية والسياسية التي تعرض لها المغرب آنذاك، بما في ذلك حرب إيسلي سنة 1844.
ويقدم الوثائقي، وفق البهروتي، قراءة تاريخية موثقة لمسار طويل من التضامن المتبادل بين الشعبين، بما يعزز الذاكرة المشتركة، ويعيد الاعتبار لحقائق ووقائع تؤكد أن العلاقات بين المغرب والجزائر كانت تقوم على التكامل، قبل أن تعترضها تحولات سياسية لا تعكس حقيقة الروابط العميقة بين البلدين.





