المغرب بين تحديات الأمن المائي واستراتيجية الاستدامة

إعلام تيفي

أعلن وزير الماء والتجهيز، نزار بركة، عن دخول قطاع الماء في المغرب مرحلة جديدة من التحولات الاستراتيجية العميقة، تهدف إلى إرساء سياسة مائية متكاملة تواكب حاجيات الاقتصاد الوطني وتطلعات المواطنات والمواطنين، في إطار رؤية ملكية سامية وتوجهات استراتيجية واضحة للمملكة.

وجاء ذلك خلال كلمة ألقاها، أمس السبت، في قصر المؤتمرات الولجة بمدينة سلا، خلال الدورة العادية الثانية للمجلس الوطني لحزب الاستقلال، حيث استعرض الوزير معالم السياسة المائية الجديدة التي تعتمد على الانتقال من تنمية الموارد المائية الاعتيادية إلى إدماج موارد غير اعتيادية، مع اعتماد تدبير متوازن للعرض والطلب، والتركيز على الأمد البعيد في تدبير الموارد لضمان استدامتها.

وأكد الوزير أن الوزارة تسرّع من وتيرة إنجاز مشاريع استراتيجية، أبرزها تحلية مياه البحر لتأمين تزويد المدن الساحلية بالماء الصالح للشرب، وإعادة استعمال المياه العادمة لسقي المساحات الخضراء والملاعب الرياضية، في إطار مقاربة مستدامة لتدبير الموارد المائية.

وشدد على أهمية تسريع بناء السدود الكبرى، وربط الأحواض المائية لتطوير البنية التحتية وتحسين توزيع المياه، إلى جانب ترشيد استهلاك المياه عبر تحسين مردودية شبكات التوزيع ومياه السقي، والحفاظ على المياه الجوفية باعتبارها مورداً استراتيجياً مهماً.

وعن الوضعية المناخية، عبّر نزار بركة عن ارتياحه للأمطار الغزيرة التي عرفها المغرب خلال شهر رمضان، والتي ساهمت في رفع معدل ملء السدود إلى 40.3%، أي ما يعادل 6.7 ملايير متر مكعب من المياه، وهو ما يغطي استهلاك الماء الصالح للشرب لمدة سنة ونصف، ويدعم النشاط الفلاحي بشكل واضح.

وفي مجال التجهيز، أكد الوزير استمرار جهود الوزارة لفك العزلة عن المناطق القروية، مبرزاً أنه تم برمجة 22 ألف كيلومتر من الطرق، منها 17 ألف كيلومتر انطلقت فيها الأشغال، بهدف تعزيز التنمية وتحسين جودة الحياة في العالم القروي.

واختتم نزار بركة كلمته بالتأكيد على أن هذه المشاريع تندرج ضمن رؤية استراتيجية شاملة تروم تعزيز الأمن المائي وتحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية مستدامة، بما ينسجم مع التوجيهات الملكية السامية ويخدم مصلحة المواطن والبيئة على حد سواء.

وحذّر تقرير سابق صادر عن معهد الشرق الأوسط (MEI) من إمكانية عودة الجفاف ليهدد استقرار الاقتصاد الزراعي في المغرب، رغم التساقطات المطرية والثلجية الغزيرة التي شهدتها البلاد منذ أواخر فبراير، منهيةً فترة جفاف امتدت منذ 2018.

وأشار التقرير إلى أن الأمطار التي هطلت خلال شهر واحد تجاوزت 130% من المعدل السنوي الطبيعي، ما ساهم في رفع مخزون السدود، الذي بلغ 37.84% فقط من السعة الإجمالية إلى غاية 27 مارس، مع تفاوت واضح بين الشمال والجنوب.

وأكد المعهد أن المغرب، المصنف ضمن الدول ذات الإجهاد المائي العالي، يواجه تحديات مائية هيكلية تستدعي حلولاً طويلة المدى، خصوصاً في ظل التأثيرات المتكررة للجفاف على قطاع الزراعة، الذي يمثل سدس الاقتصاد الوطني رغم ريّ خمس الأراضي فقط.

وأشار التقرير إلى أن الجفاف أدى سابقاً إلى تراجع الناتج المحلي بنسبة 7%، وتسبب في خسائر فادحة شملت المحاصيل ونفوق الماشية، مما دفع الحكومة إلى تمديد دعم استيراد القمح حتى نهاية 2025 لضمان الأمن الغذائي.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى