المغرب يحول قضية الصحراء إلى ركيزة لهويته ودبلوماسيته الدولية (دراسة)

إعلام تيفي ـ وكالات
اعتبرت دراسة أكاديمية روسية أن الوعي الجماعي المتجذر في التاريخ جعل من قضية الصحراء المغربية قضية وجود لا قضية حدود، ما يفسر تمسك المملكة بموقفها الثابت ورفضها لأي تسوية تمس سيادتها على أقاليمها الجنوبية.
وأوضحت أن الهوية الوطنية والسيادة الترابية تشكلان المحدد الأبرز لكل تحرك دبلوماسي مغربي، حيث تتراجع البراغماتية السياسية عندما يتعلق الأمر بهذا الملف.
الدراسة التي نشرتها جامعة موسكو للعلاقات الدولية التابعة لوزارة الخارجية الروسية في عددها الثاني من مجلة “السياسة المقارنة”، حملت عنوان “الصحراء كأساس لهوية السياسة الخارجية للمغرب”، وقدمت قراءة معمقة في الأسس التاريخية والسياسية التي تربط المغرب بأقاليمه الجنوبية، معتبرة أن قضية الصحراء تمثل الركيزة الأساسية للسياسة الخارجية للمملكة وعنصرا محوريا في صياغة توجهاتها الاستراتيجية على الساحة الدولية.
وأبرزت الدراسة أن التطور التاريخي والسياسي للمغرب ساهم في ترسيخ وعي وطني موحد حول قضايا السيادة والوحدة الترابية، سواء داخل المجتمع أو لدى النخب وصناع القرار، ما جعل من الصحراء قلب الهوية الوطنية ومحور الدبلوماسية المغربية.
وفي هذا السياق، اعتبرت الدراسة أن عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي سنة 2017 شكلت نقطة تحول في تدبير الملف على المستويين القاري والدولي، حيث أعادت الرباط توجيه دبلوماسيتها نحو الانفتاح الفعال على إفريقيا وتعزيز التحالفات الاستراتيجية مع دولها.
وأكدت أن هذا التوجه مكن المغرب من تحقيق اختراقات دبلوماسية غير مسبوقة، أبرزها افتتاح قنصليات دولية عديدة في العيون والداخلة، إلى جانب الدعم المتزايد لمبادرة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب عام 2007 باعتبارها الحل الواقعي والوحيد للنزاع.
كما تطرقت الدراسة إلى الدور الجزائري، الذي وصفته بالتحدي الإقليمي الأبرز المؤثر في صياغة السياسة الخارجية المغربية منذ الاستقلال، مشيرة إلى أن الموقف العدائي للجزائر من قضية الصحراء ساهم في تعزيز وحدة الصف الداخلي بالمغرب وجعل القضية الوطنية قاطرة للدبلوماسية المغربية ومصدرا لتماسك الهوية الوطنية.
ورغم الحزم المغربي في الدفاع عن وحدته الترابية، لفتت الدراسة إلى أن المملكة تحافظ على نهجها البراغماتي المتوازن في باقي ملفات سياستها الخارجية، خصوصا في علاقاتها مع القوى الكبرى كفرنسا وإسبانيا.
وأشارت إلى أن التحول الإسباني في مارس 2022، بدعم مدريد الرسمي لمبادرة الحكم الذاتي، وزيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الرباط في أكتوبر 2024 التي أعلن خلالها دعم بلاده لمغربية الصحراء، يعكسان نجاح الدبلوماسية المغربية في إعادة تموضع الملف داخل الفضاء الأوروبي.
وخلصت الدراسة الروسية إلى أن المغرب نجح في توظيف الهوية الوطنية كأداة استراتيجية في سياسته الخارجية، وجعل من قضية الصحراء محورًا لسرديته السياسية ومصدر قوته الإقليمية والدولية.
واعتبرت أن النجاحات الدبلوماسية التي حققتها الرباط لم تكن وليدة ضغوط أو تحالفات ظرفية، بل ثمرة رؤية شمولية توظف التاريخ والثقافة والجغرافيا لخدمة المصالح العليا للدولة.
وأكدت الدراسة أن المغرب بات نموذجا لدولة استطاعت تحويل قضيتها الوطنية إلى ركيزة دبلوماسية فعالة تجمع بين الهوية والسيادة والانفتاح الذكي على العالم، في انسجام تام مع رؤية الملك محمد السادس التي تجعل من الدبلوماسية امتدادًا للثوابت الوطنية وأداة لترسيخ مغربية الصحراء قاريا ودوليا.





