المغرب يطرق أبواب واشنطن لتسريع مشروع أنبوب الغاز الأطلسي

حسين العياشي

تعمل المملكة المغربية بعزم على تعبئة كل أوراقها الدبلوماسية والمالية من أجل الدفع بمشروع أنبوب الغاز نيجيريا–المغرب، الذي يُصنّف ضمن أضخم المشاريع الطاقية في القارة الإفريقية. فبعد عقد من النقاشات والدراسات التقنية، يتجه المغرب نحو المستثمرين الأمريكيين لتأمين تمويلات جديدة تتيح إخراج المشروع إلى أرض الواقع.

في هذا السياق، أوفد المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن (ONHYM) مسؤولين كباراً إلى ولاية تكساس، حيث قدّموا تفاصيل المشروع في لقاءات مع رجال أعمال أمريكيين خلال منتدى الولايات المتحدة–إفريقيا. وحسب مصادر مطلعة، فإن الهدف كان “تسريع تعبئة الاستثمارات” لصالح هذا الأنبوب الذي يصفه المغرب ونيجيريا بأنه مشروع قاري بامتياز. في السياق ذاته، أكد وزير المالية النيجيري، والي إيدون، من واشنطن، على هامش اجتماعات البنك الدولي وصندوق النقد، أن الولايات المتحدة تُبدي اهتماماً متزايداً بالمشروع، في وقت تتقاطع فيه رهاناته مع المنافسة الجيو–طاقية بين الغرب والصين في إفريقيا.

الأنبوب سيمتد على أكثر من 6800 كيلومتر، بقدرة سنوية تصل إلى 30 مليار متر مكعب من الغاز، مع كلفة استثمارية تناهز 25 مليار دولار. وقد أُنجزت فعلاً الدراسات الهندسية والبيئية الخاصة بمقاطع المغرب–موريتانيا–السنغال، بينما يُرتقب أن تُطلق الرباط أولى طلبات العروض في 2025، خاصة على المقاطع التي تمر داخل التراب المغربي.

وسيُدار المشروع عبر شركة قابضة تتفرع عنها شركات متخصصة (SPV) لكل مقطع، وهو نموذج مشابه لما تم اعتماده في كبريات البنى التحتية العابرة للحدود.

المغرب يراهن على أن يُصبح هذا الأنبوب جسراً طاقياً بين غرب إفريقيا وأوروبا، مستفيداً من موقعه الاستراتيجي وواجهته الأطلسية. المشروع يُعتبر كذلك بديلاً أكثر أماناً مقارنة بمشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء نحو الجزائر، الذي يواجه تحديات أمنية خطيرة في الساحل والصحراء.

المثير أن المشروع بات مُدرجاً ضمن سبعة مشاريع طاقية كبرى في إفريقيا، وفق تقييم شركات دولية، من بينها المجموعة الإماراتية “طاقة”. ورغم كل هذه المؤشرات الإيجابية، يطرح مراقبون تساؤلات حول قدرة المغرب ونيجيريا على ضمان تمويل مستدام لمشروع بهذا الحجم، خاصة في ظل تقلب أسعار الغاز عالمياً وتزايد رهانات الطاقات المتجددة. كما أن النقابات تحذر من احتمال أن يؤدي التركيز على مشاريع استراتيجية “فوق–قارية” إلى إهمال الأولويات الاجتماعية الداخلية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى