المغرب يطور بنيته اللوجيستكية لمواجهة الكوارث..من مخابز متنقلة إلى منصات جهوية للمخزون…

 

بشرى عطوشي

في ظل التحديات الطبيعية المتزايدة وتنامي الحاجة إلى تدخلات ميدانية سريعة وفعالة، برز المغرب كنموذج إقليمي في تطوير البنية التحتية اللوجستية لمواجهة الكوارث، من خلال مقاربات متعددة تُجسّد الرؤية الملكية الاستباقية لحماية المواطنين وتعزيز الأمن الغذائي الطارئ.

في خطوة سبّاقة، أطلقت المديرية العامة للأمن الوطني وحدات متطورة من المخابز والمطابخ المتنقلة، تُرافق فرق المجموعة المتنقلة للمحافظة على النظام العام (99 GMS). وتأتي هذه المبادرة في إطار سياسة تعزيز الاكتفاء الذاتي للفرق الأمنية في الميدان، سواء خلال التظاهرات الكبرى أو حالات الطوارئ الطبيعية والإنسانية.

تتكون هذه الوحدات من شاحنات مجهزة بأحدث المعدات، من آلات عجن وخبز، إلى وحدات تبريد ومرافق صحية متنقلة، ما يسمح لها بإنتاج ما بين 6,000 و8,000 خبزة يوميًا، مع قابلية التوسعة حسب الحاجة.

وقد أثبتت نجاعتها خلال كارثة زلزال الحوز، حيث سُخّرت هذه المخابز لإمداد المتضررين في المناطق الجبلية النائية بالخبز الطازج يوميًا.

انسجامًا مع التوجيهات الملكية السامية، شهدت جهة الرباط-سلا-القنيطرة مؤخرًا انطلاقة مشروع إحداث أول منصة جهوية للمخزون والاحتياطات الأولية، وذلك في إطار خطة وطنية تروم تغطية جميع الجهات المغربية بمخازن استراتيجية مخصصة لحالات الكوارث.

تُقام هذه المنصة على مساحة 20 هكتارًا، وستضم مستودعات ضخمة، مهبطًا للطائرات المروحية، حظائر للمعدات، ومرافق لوجستية متكاملة، بميزانية تناهز 287.5 مليون درهم. وتهدف هذه المخازن إلى تخزين كل ما يلزم للتدخل العاجل من أدوية، أغطية، خيام، مواد غذائية، ووسائل إنقاذ.

يشكل التكامل بين المخابز المتنقلة والمخازن الجهوية ركيزة أساسية في النظام المغربي الجديد للاستجابة للكوارث. فمن جهة، تضمن المخابز المتنقلة توفير الغذاء الساخن والطازج للمواطنين في أماكن يصعب الوصول إليها؛ ومن جهة أخرى، تُمكن المخازن الجهوية من تسريع وتيرة الدعم اللوجستي والإغاثي في الساعات الأولى من الأزمات.

تأتي هذه الدينامية الوطنية في سياق وعي متزايد بأهمية الجاهزية في زمن الكوارث المناخية والزلزالية، وتُترجم إرادة ملكية واضحة في جعل المغرب من بين الدول الرائدة إقليميًا في تدبير الطوارئ من منطلق استباقي، عملي وإنساني.

وفي ظل هذه التطورات، يتأكد أن أمن المواطنين لا يقف عند حدود الوقاية الأمنية فقط، بل يشمل كذلك الغذاء، الدواء، والمأوى في وقت الأزمات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى