
حسين العياشي
في تحليلٍ شاملٍ نشرته منصة “Growth Gateway” التابعة لحكومة المملكة المتحدة، تم تسليط الضوء على الفرص الاستثمارية في القطاع الزراعي بمنطقتي شمال وغرب أفريقيا، مع التركيز على مجالات التعاون المحتملة بين لندن والدول المعنية، لا سيما في مجالي سلاسل التبريد والتمويل.
تشير الدراسة إلى أن الإنتاج الزراعي في شمال أفريقيا يميل إلى التوجه نحو التصدير، حيث تبرز محاصيل مثل التوت، والطماطم، والتمور، والحمضيات. في المقابل، تظل منطقة غرب أفريقيا معنية أساسًا بالمنتجات الغذائية الأساسية مثل الجذور والدرنات التي تستهلك محليًا. ويواجه المنتجون في كلا المنطقتين تحديات مشتركة تتعلق بالتوافق مع المعايير الدولية، فضلاً عن خسائر ما بعد الحصاد وصعوبة الوصول إلى التمويل الميسر.
ويؤكد التقرير أن سياسات الدعم، وسلاسل الإمداد الإقليمية، بالإضافة إلى التحولات الديموغرافية، تدفع إنتاج شمال أفريقيا إلى الأمام، إلا أن القيود التي لا تزال قائمة تقف حاجزًا أمام تحقيق كامل الإمكانات الزراعية في المنطقة.
فيما يتعلق بسلاسل التبريد، تشير الدراسة إلى أن السوق في شمال وغرب أفريقيا يقدر بنحو 6.5 مليار جنيه استرليني (ما يعادل حوالي 84 مليار درهم مغربي). ومن بين هذه القيمة، يتركز حوالي 3.1 مليار جنيه استرليني (حوالي 40 مليار درهم مغربي) في أسواق المغرب ونيجيريا وغانا. وتظل نسبة كبيرة من هذه الطلبات غير ملباة، خصوصًا في نيجيريا وغانا، نتيجة لانقطاع التيار الكهربائي غير المنتظم، وقلة الأسس التصديرية، فضلاً عن نقص الحلول المناسبة للمزارعين الصغار.
وتتوقع الدراسة أن يشهد السوق نموًا سنويًا بنسبة 17% في السنوات الخمس المقبلة، مدفوعًا بالنمو الحضري، وارتفاع الطلب على الأغذية المتطلبة، وتوسع الإنتاج الزراعي القابل للتلف والذي يحمل قيمة أكبر.
كما توضح الدراسة أن الواردات تغطي حوالي 30% من هذه الاستهلاكات، حيث تهيمن كل من الصين وتركيا على أسواق غرب أفريقيا، بينما يبدو السوق المغربي أكثر انفتاحًا وتنظيمًا ويعتمد على جودة الخدمة المقدمة من الموردين الأوروبيين.
أما فيما يخص التمويل، فقد تناول التقرير جانبًا آخر يتعلق بتدفقات رأس المال وقدرة المؤسسات المالية المحلية على استيعاب الاستثمارات المتفرقة. وفي هذا الصدد، يشير التقرير إلى وجود “مساحة تمويلية كبيرة” يمكن أن تخدمها بشكل أفضل المؤسسات المالية الوطنية، وصناديق رأس المال الاستثماري، وحلول التمويل الزراعي عبر التكنولوجيا المالية، بدلاً من الاعتماد على الاستثمارات المباشرة في المزارع.
كما أشار إلى أن حجم الاستثمارات البريطانية في نيجيريا وغانا لا يزال ضعيفًا نسبيًا، وذلك نتيجة لنقص المعلومات، وزيادة الحذر أثناء الفحوصات المبدئية، بالإضافة إلى غياب التواجد الفعلي للمستثمرين في الميدان.
ولتجاوز هذه التحديات، يقترح التقرير ضرورة تنظيم لقاءات مهنية من نوع B2B، وإنشاء منصات تجارية رقمية، وتعزيز التنسيق بين الدول المعنية، فضلاً عن تطوير آليات فعالة للتخفيف من المخاطر لتشجيع تدفق رؤوس الأموال الخاصة. كما يؤكد التقرير على أن “برنامجًا منظمًا” يمكن أن يساعد الشركات والمستثمرين البريطانيين على تلبية الاحتياجات المتزايدة، وتقديم عروض ذات قيمة مضافة وخدمات متميزة، فضلاً عن إبرام شراكات محلية تساهم في تحقيق نتائج اقتصادية وتنموية في كل من نيجيريا وغانا والمغرب.





