المغرب يُشدد الرقابة على السوق العقاري: سجل إلكتروني جديد لتتبع الوكالات العقارية

حسين العياشي

أقر وزير العدل عبد اللطيف وهبي، إنشاء سجل إلكتروني وطني للوكالات العقارية، من أجل حماية الممتلكات العقارية التي يمتلكها الأجانب، عبر تنظيم دقيق لعمل الوكالات العقارية وآلية منح التراخيص لها. من المقرر أن يدخل هذا النظام حيز التنفيذ بعد ستة أشهر، ليشكل خطوة هامة في تعزيز الشفافية في قطاع العقارات.

في وقت يتزايد فيه الاهتمام بالاستثمار الأجنبي في العقارات المغربية، يسعى المغرب إلى توفير بيئة قانونية متينة تضمن حقوق جميع الأطراف في المعاملات العقارية، سواء كانوا مواطنين أو مستثمرين أجانب. ويعتبر القرار رقم 381.25 جزءًا من تعزيز النظام القانوني في هذا المجال، إذ يشمل تحديد نماذج تسجيل للهيئات المعنية بالحقوق العقارية، ويضع الأسس اللازمة لإنشاء سجل إلكتروني للوكالات العقارية. يهدف هذا السجل إلى تمكين السلطات القضائية والإدارية من تتبع سير عمل الوكالات، والتحقق من شرعيتها، وضمان امتثالها للشروط القانونية المتعلقة بنقل الملكية أو تأسيس الحقوق العينية.

تتمثل إحدى النقاط الأساسية في هذا الإصلاح في فرض عملية تسجيل رسمي على جميع الوكالات العقارية خلال مدة ستة أشهر من صدور القرار. يهدف هذا إلى الحد من عمليات الاحتيال وتعزيز ثقة المشترين الأجانب، بحيث يقتصر العمل في السوق العقاري على الوكالات التي تمتثل لجميع القوانين والأنظمة. كما يتطلب القرار إنشاء منصة رقمية تتيح للسلطات المعنية، مثل الجهات الرقابية والإدارات العقارية، إمكانية الوصول إلى البيانات الضرورية لمراقبة هذه الوكالات وتقييم شرعيتها.

إن هذه الخطوة تأتي في وقت حساس يشهد فيه قطاع الاستثمار الأجنبي في العقارات بالمغرب اهتمامًا متزايدًا، ما يفرض على السلطات تكثيف الجهود لمكافحة الممارسات غير القانونية، مثل التحويلات المالية المشبوهة أو غسل الأموال، وضمان توافق الأوراق القانونية مع المعايير المطلوبة. من خلال هذا السجل الإلكتروني، سيتمكن المسؤولون من متابعة جميع مراحل المعاملات العقارية، بدءًا من حصول الوكالات على التراخيص، مرورًا بالتحقق من صلاحية الوثائق المطلوبة، وصولًا إلى التنسيق مع الشركاء الآخرين مثل المحامين والموثقين والمسؤولين عن التسجيل العقاري.

بالنسبة للأجانب الذين يمتلكون عقارات في المغرب، يعد هذا القرار خطوة إيجابية تضاف إلى مجموعة من الضمانات القانونية التي تعزز ثقتهم في السوق العقاري المحلي. في حال حدوث نزاع، سيتيح السجل تتبع السلسلة الكاملة للأطراف المعنية بالصفقة، مما يسهم في تقليص المناطق الرمادية التي قد تثير الشكوك حول نزاهة العمليات.

ومع ذلك، لا تقتصر التحديات التي تواجه تنفيذ هذه الإصلاحات على الجوانب القانونية فحسب، بل تمتد إلى الجوانب التقنية والتنظيمية أيضًا. من الضروري ضمان النجاح في تطوير النظام الإلكتروني الخاص بتسجيل الوكالات، وكذلك تدريب جميع الأطراف المعنية، سواء كانت وكالات عقارية أو موثقين أو موظفين في القطاعات المتعلقة بالأراضي. كما يجب أن يتم التنسيق بين السلطات القضائية والإدارية والهيئات المختصة لضمان سير العمل بانسيابية ودون تعقيدات زائدة قد تؤثر على فعالية النظام.

وفي الختام، يمثل القرار رقم 381.25 خطوة بارزة نحو تحديث وتعزيز أمان القطاع العقاري في المغرب. من خلال تأسيس سجل إلكتروني للوكالات العقارية، يسعى المغرب إلى تعزيز الشفافية في سوق العقارات، حماية حقوق المستثمرين الأجانب، وتحقيق المزيد من المصداقية في المعاملات العقارية التي يشهدها البلاد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى