الملك الذي أعرفه !!

 

بشرى عطوشي

قبل 27 سنة كنت لازلت طالبة، وكنت أشتغل أوقات الفراغ والعطل، بإحدى المكتبات بحي بسلا، كان هذا الحي ملجأ لعدد كبير من الوافدين من مدن ومناطق مختلفة، نظرا لانخفاض سومة كراء بعض الغرف بالمنازل أو البيوت القديمة به.

المكتبة التي كنت أشتغل بها كانت تتوفر على الكتب واللوازم المدرسية، نظرا لقربها من مدرسة ابتدائية وإحدى الإعداديات، وكانت أيضا تطبع نسخ الوثائق الإدارية والكلمات المسهمة للجرائد.

الغريب في أن كل من كان يأتي إلى ذلك الحي من وافدين عليه، كان أول ما يزور هو تلك المكتبة لأن أصحاب المنازل المعدة للكراء، كانوا يلصقون إعلانات الكراء وهواتفهم ببابها.

أنشأت علاقات طيبة مع سكان الحي وأبنائهم، وكنت أساعد أغلبهم في كتابة عنوان أو ملء استمارة، أو كتابة طلب، أو حتى قراءة وثيقة ما، وتفسيرها لبعضهم الذي يجهل القراءة والكتابة.

كنت سعيدة بعملي هذا كون أنني كنت أقبل على قراءة الكتب الجديدة بالمكتبة بنهم شديد، وكانت أيضا مكانا جيدا لي للتحضير لامتحاناتي.

ولذلك كان الكثير من الناس يعرفون بأنني أحرر طلبات العمل أو الشكايات أو غيرها من الوثائق الإدارية لمن يرغب في ذلك، وكنت في الوقت ذاته اتوفر على طابعة لنسخ الوثائق الإدارية وصور بطائق التعريف الوطنية.

شاءت الأقدار أن أصبح كاتبة طلبات عدد كبير من الأشخاص الذين كانوا يرتادون المكتبة، وخصوصا، وهذا هو المهم في تلك الفترة وسبب كتابتي لهذه المقالة، ( خصوصا)، الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة، منهم من كان بكرسي متحرك، ومنهم من كان أعمى، ومنهم الأصم والأبكم، ومنهم الكثير من ذوي الإعاقة، كنت أحرر لهم طلبات عمل أو الاستفادة من دعم من ملك البلاد حاليا، ولي العهد في تلك السنة، الملك محمد السادس.

كان آنذاك “سيدي محمد” ولي العهد، يأتي إلى قصره بسلا، المعروف بقصر(المعمورة)، ليستقبل هده الفئة، وليقدم العون والدعم لذوي الاحتياجات الخاصة، من أطفال وكهول وشيوخ، نساء ورجال.

كان “سيدي محمد”، في ذلك الوقت، وحسب ما حكى لي من أسعفه الحظ واستقبله في قصره، كان إنسانا، متواضعا ويمسح لأولئك المواطنين الذين كانوا من ذوي الاحتياجات الخاصة، لعابهم وكان يجلس معهم ويحادثهم، ويضحك معهم، ويستمع لشكاويهم.

حتى أن هناك الكثير منهم من أسعفه الحظ واستفاد من دعم “سيدي محمد”، وكنت أسمع لهم وأنا كلي تقدير وحب لهذا الأمير صاحب السمو الملكي ولي العهد آنذاك “سيدي محمد”.

كان البعض يحكي لي كيف دخل واستقبل في القصر من قبل “سيدي محمد”، وكيف تحدث إليه وكيف أحس بالأمان والطمأنينة في حضرة سموه، كيف لا تحس بالأمان وأنت في حضرة الأمير الإنسان العظيم، الذي كان يعامل هذه الفئة بحنو ودفء وعطف.

وكان الأشخاص الدين يزورونني لكتابة طلب لهم لمقابلة ولي العهد سيدي محمد يتفاءلون خيرا بكتابة طلبهم، لأن عدد مهم منهم تحقق لقاؤه بصاحب السمو الملكي الأمير “سيدي محمد”.

فأن تسمع عن سموه، ويحكي لك الناس كيف كان وكم كان يتحلى بمواصفات الأمراء الطيببين، الذين كنا نقرأ قصصهم في الروايات والحكايات المصورة ونحن أطفالا، وكيف كانوا يقهرون الشر بحسنهم وأخلاقهم الطيبة، وقلوبهم الكبيرة، وأن تصل إلى حقيقة أن هذا الأمير الذي أصبح ملكا في سنة 1999، فهذا يعطيك الثقة بأن السفن سترسو بأمان في قيادته.

جلالة الملك محمد السادس الذي عرفته وهو ولي العهد آنذاك، رمز هذه الأمة، الذي سمي جلالته بملك الفقراء، هو الملك الإنسان الذي يقود هذا البلد، وهو الذي واكب ويواكب شؤون هذه الفئة من “دوي الاحتياجات الخاصة”، هو من يساهم بشكل كبير في رفع الحيف عن هؤلاء، فبفضله تم تأسيس المركز الوطني محمد السادس للمعاقين بسلا، وبفضل الإرادة الملكية لجلالته تم رفع الحيف عن هذه الفئة من المجتمع، والحديث عن عمل جلالته في هذا الشأن عندما كان وليا للعهد، وبعد أن أصبح ملكا، لا تكفيه الصحف والمقالات.

كان هذا لأصل في مقالتي هذه إلى أن الملك الذي أعرفه، كان وهو في الثلاثينات من عمره رمزا للإنسانية ولازال وهو اليوم وفي عيد ميلاده ال الواحد والستين رمزا للإنسانية والحنو والعطف.. دمت رمز الدفء والسلام لهذا البلد وحفظك الله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى