الملك العمومي بين المزاج السياسي والفراغ القانوني

تجوى القاسمي
في قلب الجدل حول فوضى تدبير الملك العمومي بالمغرب، خرج نور الدين الحراق، رئيس الجمعية الوطنية لأرباب المقاهي والمطاعم، عن صمته في برنامج منتدى إعلام تيفي، رافعا الستار عن واقع قاتم يعيشه القطاع منذ سنوات.
لم تكن الجائحة، برأيه، سوى عدسة مكبرة كشفت هشاشة قائمة، أما الداء الحقيقي فممتد في عمق القوانين الغائبة، والتدبير المرتجل، وازدواجية المعايير.
وأشار الحراق إلى أن القوانين التي تؤطر القطاع، وخاصة ما يتعلق منها بالجبايات، التغطية الصحية للأجراء، وامتيازات الجماعات المحلية، تعكس حالة من الغموض والارتجال. واعتبر أن التدبير الحالي للملك العمومي يعاني من فوضى واضحة، في ظل غياب إطار قانوني صريح ينظم العلاقة بين الدولة وأرباب المقاهي والمطاعم.
وأضاف أن النقاش الحقيقي اليوم ليس حول إزالة واجهات المحلات فقط، بل حول غياب تصور شامل لاستغلال الملك العمومي”، مشددا على أن الجمعية والجامعة الوطنية قدمتا اقتراحات عديدة لتنظيم هذا المجال، لكنها لم تلق آذاناً صاغية.
ووصف الحملة السنوية لهدم واجهات المحلات بـ “التبوريدة”، قائلا إن الملف يدار بشكل أحادي، دون إشراك المهنيين، وهو ما يفرز فوضى يتحمل مسؤوليتها الجميع، من أرباب المقاهي إلى السلطات المحلية والجماعات الترابية.
وأكد الحراق أن جذور الإشكال تعود إلى غياب قانون منظم واضح، سواء فيما يخص تنظيم القطاع أو استغلال الملك العمومي المؤقت. وأضاف ان القانون الحالي المتعلق بالأملاك العامة 19.57 لا يقدم أي جديد. الجميع يريد إعادة هيكلة المقاهي، لكن دون تحديد آليات واضحة لذلك.
وانتقد رئيس الجمعية طريقة تدبير الملك العمومي، التي تترك صلاحيات واسعة للجماعات، رغم أن أغلبها لا تتوفر على قرارات تنظيمية واضحة، ما يفتح الباب أمام قرارات متضاربة تصدر من القائد أو الباشا، حسب تعبيره. وقال: أحيانا يفرض على صاحب المحل أداء 30 أو 50 في المئة من الرسوم بناء على مزاج المسؤول، لا على سند قانوني.
وسلط الحراق الضوء على معاناة المهنيين الذين يستثمرون في تهيئة محلاتهم طيلة سنوات، ليتفاجؤوا لاحقا بقرارات تمنعهم من استغلال الملك العمومي أو تهدم مشاريعهم دون سابق إنذار.
وردا على سؤال الصحافية بشرى عطوشي حول الجهة الوصية على القطاع، أكد أن المقاهي والمطاعم تتقاطع مع عدة وزارات، أبرزها الداخلية والتجارة والصناعة، وهو ما يعقد عملية إيجاد حلول جذرية.
وكشف أن الجامعة الوطنية للمقاهي والمطاعم بصدد إعداد قانون تنظيمي يأخذ بعين الاعتبار مختلف التحديات، وقد طالبت بعقد يوم دراسي وطني يجمع جميع الأطراف المعنية لطرح حلول شمولية.
واختتم الحراق مداخلته بالإشارة إلى أن التدبير الحالي يشوبه استغلال سياسي وحزبي، حيث تسخر الرسوم الجبائية بحسب النويا الانتخابية، فتتراوح القيمة بين 10 دراهم و10 آلاف درهم كل ثلاثة أشهر، حسب الجماعة، في غياب أي توحيد أو عدالة جبائية.