المندوبية السامية: نمو الاقتصاد المغربي يتراجع إلى 4,3 في المئة

حسين العياشي
أعلنت المندوبية السامية للتخطيط (HCP) عن توقعاتها بشأن النمو الاقتصادي في المغرب للربع الثالث من عام 2025، مشيرة إلى أن الاقتصاد الوطني سينمو بنسبة 4,3%، وهو ما يعد تراجعًا ملحوظًا مقارنة بالأداء الجيد الذي شهدته الأشهر الأولى من العام، حيث كان النمو قد بلغ 4,8% في الربع الأول و5,5% في الربع الثاني. ورغم أن هذا التباطؤ قد يبدو طفيفًا، إلا أنه يعكس واقعًا اقتصاديًا يتأثر بشدة بالظروف الدولية، وهو ما أشار إليه التقرير بوضوح، حيث يُعزى هذا التراجع إلى بيئة دولية أقل استقرارًا.
الحديث عن التأثيرات العالمية السلبية يثير تساؤلات حول مدى قدرة الاقتصاد الوطني على التكيف مع هذه التغيرات والتحديات. فبينما يُتوقع أن يشهد القطاع الأولي بعض التسارع في القيمة المضافة، فإن القطاعات الأخرى ستعاني من تباطؤ في نموها. هذا التباين بين القطاعات يشير إلى ضعف هيكل الاقتصاد الوطني واعتماده الكبير على بعض الأنشطة الاقتصادية دون غيرها، مما يضعف من مرونة الاقتصاد في مواجهة الأزمات والتقلبات الاقتصادية العالمية.
علاوة على ذلك، تتوقع المندوبية انتعاشًا نسبيًا للنشاط الاقتصادي في الربع الرابع من العام، مع تقديرات بنمو 4,7%، وهو ما قد يكون مبعثًا للتفاؤل. إلا أن هذا التفاؤل يبدو مشروطًا بتحسن الطلب الخارجي، خاصةً في ظل توقعات بتخفيف تدريجي في معدلات الفائدة على الاستهلاك والاستثمار في أوروبا والولايات المتحدة. وهذا يطرح سؤالًا عن مدى تأثير هذه العوامل الخارجية على الاقتصاد المحلي، ومدى قدرة الاقتصاد المغربي على الاستفادة منها في ظل التحديات البنيوية التي يعاني منها.
من جهة أخرى، فإن ما يُسمى بالطلب الداخلي الذي دعم الاقتصاد في الأشهر الأولى من العام، من خلال زيادات الأجور وتحسين القدرة الشرائية بفضل التخفيفات الضريبية، قد يكون له تأثير إيجابي على المدى القصير، لكنه لا يضمن استدامة هذا النمو. فالأثر الإيجابي على الاستهلاك المحلي قد يتبدد بسرعة في حال تراجع هذه العوامل الداعمة أو إذا تعرض الاقتصاد لانتكاسات مفاجئة في الأسواق الدولية.
في النهاية، قد يبدو أن التوقعات التي عرضتها المندوبية تركز أكثر على العوامل الخارجية التي يمكن أن تكون غير قابلة للتنبؤ في بعض الأحيان، دون تقديم حلول جذرية أو استراتيجيات قوية لضمان استدامة النمو الداخلي بعيدًا عن التقلبات العالمية. إذ يبدو أن الاقتصاد الوطني بحاجة إلى مزيد من التنوع في مصادر النمو، وتخفيض اعتماده على العوامل الخارجية الهشة، لكي يكون أكثر قدرة على التكيف مع المتغيرات الاقتصادية على المدى الطويل.