المنصوري تقدم حصيلة دعم السكن: 70 ألف مستفيد والتحديات مستمرة

حسين العياشي

قدمت فاطمة الزهراء المنصوري، وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب، عرضًا مفصلًا حول حصيلة برنامج الدعم المباشر لاقتناء السكن الرئيسي، وهو أحد أبرز البرامج الحكومية في السياسة السكنية الراهنة. وجاءت المعطيات التي كشفتها الوزيرة لتسلط الضوء على ما تحقق إلى حدود اليوم، وما يواجهه البرنامج من رهانات مرتبطة بالنجاعة والاستهداف والتوزيع العادل.

وفق الأرقام الرسمية التي تقدّمت بها الوزيرة، بلغ عدد المواطنين الذين تقدموا بطلبات الاستفادة من الدعم 171 ألف شخص، استفاد منهم فعليًا 70 ألفًا و900 مواطن. وتوزعت الاستفادة بين فئات متنوعة؛ إذ بلغت نسبة النساء 47%، والشباب دون الأربعين عامًا 54%، فيما شكّل المغاربة المقيمون بالخارج 24% من المستفيدين. أما من حيث نوع الدعم، فقد حصل 63% على دعم بقيمة 70 ألف درهم، و37% على دعم بقيمة 100 ألف درهم. وتشير المعطيات إلى أن المعدل الشهري للمستفيدين ارتفع من 2400 وحدة سنة 2024 إلى 3600 وحدة سنة 2025.

وعلى المستوى الاقتصادي، سجل البرنامج آثارًا موازية تمثلت في ارتفاع مبيعات الإسمنت بنسبة 12.5%، وزيادة القروض الموجهة للسكن بنسبة 3%، وللمنعشين العقاريين بـ7.58%. كما ساهمت المقاولات الصغرى بما يفوق 80% من المشاريع، مع إحداث نحو 74 ألف منصب شغل في قطاع البناء والأشغال العمومية، وفقًا لمعطيات بنك المغرب.

أما من حيث التوزيع الجغرافي، فقد استحوذت جهة الدار البيضاء-سطات على 35% من مجموع المستفيدين، تليها جهة فاس-مكناس بـ31%، ثم الرباط-سلا-القنيطرة بـ12%. وامتدت الاستفادة إلى مدن لم تشملها البرامج السابقة بالشكل الكافي مثل فاس وسطات والجديدة ووجدة وبركان وتازة وبنسليمان، ما يعكس نوعًا من إعادة التوازن المجالي في توزيع الدعم.

وفيما أعلنت الوزيرة أن مشروع قانون المالية لسنة 2026 سيمكن المالكين على الشياع من الاستفادة من هذا الدعم، فإن هذا المقترح أثار نقاشًا أوليًا حول آليات تطبيقه القانونية والإدارية، ومدى قدرته على تفادي إشكالات الملكية المشتركة والتنازع على الاستفادة.

ورغم الأرقام التي تُظهر توسع قاعدة المستفيدين، يظل البرنامج أمام اختبار حقيقي يتعلق بمدى قدرته على ضمان استدامة الدعم وتوجيهه نحو الفئات الأكثر هشاشة. فبينما تعتبر الحكومة أن النتائج الحالية إيجابية، يرى عدد من المراقبين أن تقييم الأثر الاجتماعي والاقتصادي يحتاج إلى مزيد من الوقت والمعطيات الميدانية، خصوصًا ما يتصل بتأثير الدعم على الأسعار وتوازن العرض والطلب في السوق العقارية.

بهذا، يظل برنامج الدعم المباشر للسكن خطوة نوعية في السياسة السكنية المغربية، لكنه ما يزال يثير تساؤلات حول المدى الذي يمكن أن يبلغه في معالجة إشكالية السكن بشكل منصف ومستدام، وسط ضغوط السوق العقارية وتفاوتات القدرة الشرائية لدى المواطنين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى