المنظمة العالمية للأرصاد: دورة المياه على الأرض دخلت مرحلة “اللاطبيعي”
حسين العياشي
يشير تقرير جديد صادر عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، إلى أن سنة 2024 شكّلت منعطفًا خطيرًا في مسار الموارد المائية على الصعيد العالمي، بعدما شهدت الأرض تفاقمًا غير مسبوق في الاختلالات المائية، حيث لم يعد هناك استقرار في دورة المياه الطبيعية، بل أصبحت متأرجحة بين الجفاف الحاد والفيضانات المدمرة.
الأمينة العامة للمنظمة، سيليست ساولو، قدّمت في جنيف صورة مقلقة عن الوضع، مؤكدة أن المعتاد لم يعد هو المعتاد، بل إن الوضع الطبيعي الجديد هو اللاطبيعي. وأوضحت أن هذه الفوضى المائية تولّد انعكاسات متسلسلة تمس الفلاحة والطاقة والصحة والبنيات التحتية والاقتصاد برمته.
البيانات التي استند إليها التقرير، والمستقاة من النماذج الهيدرولوجية والمراقبة بالأقمار الصناعية، تكشف أن ثلث أحواض الأنهار فقط عرف ظروفًا عادية خلال السنة الماضية. أما الباقي فقد تأرجح بين العجز الحاد والفائض المدمر. وزاد الوضع خطورة مع تسارع ذوبان الجليد، حيث فقدت الأرض ما يناهز 450 غيغاطن من الكتل الجليدية في سنة واحدة، وهو ما يعادل 180 مليون مسبح أولمبي. هذه الخسارة الضخمة ساهمت في رفع مستوى البحر بمعدل 1,2 مليمتر في عام واحد فقط، وهو تهديد مباشر للمناطق الساحلية التي تضم مئات الملايين من البشر.
ويسجل التقرير تكرارًا مثيرًا للقلق للأحداث المناخية المتطرفة: موجات جفاف طويلة الأمد ضربت حوض الأمازون وأجزاء واسعة من إفريقيا الجنوبية وآسيا، في مقابل فيضانات كاسحة اجتاحت إفريقيا الوسطى وأوروبا الوسطى وباكستان وإندونيسيا وجنوب السودان. ورغم أن ظاهرة «النينيو» لعبت دورًا في تضخيم هذه الاختلالات، فإن العامل البنيوي الأساسي يظل هو التغير المناخي.
في مواجهة هذه الصورة القاتمة، شددت المنظمة على ضرورة الاستثمار العاجل في إدارة الموارد المائية وتعزيز التعاون الدولي وتبادل البيانات. فكما قالت أمينتها العامة: «لا يمكن إدارة ما لا نقيسه، ومن دون بيانات نمشي في الظلام».
وبينما تستعد المنظمة للاحتفال بمرور 75 سنة على تأسيسها، تؤكد أنها ماضية في مهمتها الأساسية: تزويد صانعي القرار في مختلف أنحاء العالم بالمعلومة العلمية الدقيقة والموثوقة، حتى تكون السياسات العمومية أكثر قدرة على مواجهة التحديات المائية في زمن الاضطراب المناخي.





