المهداوي: المقاربة التقليدية وتجاهل مطالب الشباب سيعمق الأزمات اجتماعية

حسين العياشي

شهدت عدة مدن مغربية، يومي 27 و28 شتنبر، توقيف عدد من المتظاهرين الذين خرجوا استجابةً لدعوات احتجاجية انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، من بينهم المحامي وعضو المكتب السياسي لفيدرالية اليسار الديمقراطي، فاروق المهداوي، ليتم الافراج عنه بعد ساعات.

وفي تصريح حصري لموقع “إعلام تيفي”، أكد المهداوي أن هذه الاحتجاجات ليست ظاهرة جديدة على المغرب، بل امتداد لتاريخ طويل من التعبير الشعبي عن المطالب الاجتماعية.معتبرا أن المغاربة اعتادوا منذ زمن بعيد على طرق متعددة للاحتجاج، غير أن جوهرها ظل ثابتًا: المطالبة بحقوق مشروعة وتحقيق العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.

ويضيف المتحدث، أن شباب جيل “Z” أظهروا وعيًا واضحًا وتنظيمًا مميزًا، مع تبني أساليب وآليات حديثة للتعبير عن مطالبهم. هذه الأخيرة، لم تعد محصورة في الفئات الشابة فقط، بل تتعلق بقضايا أساسية تشمل جميع المواطنين، من التعليم إلى الصحة، ما يجعل الاحتجاجات جزءًا من نقاش وطني حول تحسين الخدمات الأساسية لكل افراد المجتمع.

في المقابل، اعتبر أن المقاربات التقليدية للتعامل مع الاحتجاجات السلمية لم تواكب تطورات المجتمع، إذ ما زالت تعتمد على فرضية أن “كل الأجيال ستؤطر بنفس الطريقة، وجيل اليوم سيكرر نفس ردود الفعل التي عبر عنها من سبقوه”. لكن واقع اليوم مختلف تمامًا، فجيل “Z” يمتلك إرادة قوية في التغيير، ويطرح مطالب واضحة تستند إلى فهم حقيقي للتحديات الاجتماعية والاقتصادية التي يعاني منها المغرب.

هذه الاحتجاجات، حسب المهداوي، تمثل فرصة لكل القوى الحية والمسؤولة داخل الوطن للالتفاف حول هؤلاء الشباب، ودعمهم في سبيل تحقيق مطالبهم المشروعة، بعيدًا عن أي محاولة للركوب السياسي على حراكهم. ويشدد على أن مطالب هذا الجيل عامة وشاملة، لا تقتصر على الفئات الشابة، بل تمتد لتشمل جميع المواطنين، ما يجعل احتجاجاتهم مختلفة ومتميزة.

كما يشير في السياق ذاته، إلى أن الواقع المرير للمنظومة الصحية والتعليمية أصبح ملموسًا في حياة الأسر المغربية. فالأسر التي ينتمي إليها هؤلاء الشباب شهدت عن قرب معاناة كبيرة، بدءًا من فقدان أفراد بسبب ضعف الرعاية الصحية، وصولًا إلى إخفاق المنظومة التعليمية في تهيئة خرجيها لسوق الشغل، ما أدى إلى تكوين مجتمع يعاني من أزمات اجتماعية عميقة.

وتدعم هذه الصورة الإحصاءات الرسمية، حيث كشف تقرير المندوبية السامية للتخطيط عن وجود نحو 4 ملايين مغربي يفتقرون إلى الكفايات الأساسية في القراءة والكتابة، بينهم نسبة كبيرة من الشباب، وهو ما اعتبره المهداوي قنبلة موقوتة تهدد الاستقرار الاجتماعي إذا لم تُعالج بشكل جدي. وأضاف أن الجهات المعنية لم تتعامل مع هذه المؤشرات بالجدية اللازمة، حيث تم توجيه الأولويات نحو مجالات أخرى لا تشمل الصحة والتعليم والتشغيل، رغم كونها جوهرية وأساسية للمواطنين كافة.

ويخلص فاروق المهداوي، إلى أن احتجاجات جيل “Z” تمثل صرخة جماعية من أجل الحقوق الأساسية والمشروعة، داعيًا جميع الفئات المجتمعية إلى دعم هذه المطالب والانخراط في الحوار البناء معها، لضمان مستقبل أفضل للمغرب. ويؤكد أن الشباب لا يسعون لمصالح ضيقة، بل يرفعون شعارات العدالة الاجتماعية والحقوق الأساسية، مما يجعل حراكهم واجهة للتغيير الحقيقي والضروري داخل القطاعات الحيوية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى