النفايات تحاصر آيت عميرة.. فأين الجماعة من أولويات الساكنة؟

إعلام تيفي_إيمان أوكريش
في وقت تتصاعد فيه حدة الأزمات البيئية بإقليم اشتوكة آيت باها، وتغرق عدد من جماعاته في مشاكل تدبير النفايات، تبرز جماعة آيت عميرة كنموذج صارخ لاختلال الأولويات وتجاهل انتظارات الساكنة.
فرغم تفاقم ظاهرة المطارح العشوائية وتحولها إلى مصدر يومي للروائح الكريهة وانتشار الحشرات وتهديد الصحة العامة، اختارت الجماعة، قبل فترة، صرف ميزانية في مشروع تشييد سياج إسمنتي يطوق مقرها، وسط تساؤلات حول الجدوى من هذه الخطوة في ظل واقع بيئي مقلق.
وقد عبر العديد من المواطنين والفاعلين المحليين عن استيائهم من هذا القرار، معتبرين أن الأموال التي خصصت لتشييد الحائط كان من الأولى توجيهها نحو اقتناء حاويات جمع النفايات أو تحسين البنية التحتية المهترئة التي تؤرق يوميات الساكنة.
كما أن أزمة النفايات في آيت عميرة لا تقتصر على المركز، بل تمتد إلى عدد من الدواوير، حيث تتكدس الأزبال بشكل عشوائي، محدثة مطارح جديدة وسط الضيعات الفلاحية.
ويستحضر متتبعون هذا الوضع مع حالة شاحنة جمع النفايات التي حصلت عليها الجماعة السنة الماضية بعد احتجاجات الساكنة، والتي غابت عن الأنظار في غياب أي معطى رسمي يوضح مصيرها أو سبب عدم استغلالها بالشكل المطلوب، مطالبين بتحرك جماعي من أجل إعادة ترتيب الأولويات البيئية بالجماعة، وربط المسؤولية بالمحاسبة.
وفي هذا الصدد، قال يوسف مستور، عضو فيدرالية اليسار الديمقراطي وفاعل حقوقي بإقليم اشتوكة آيت باها، إن مشكل تدبير النفايات المنزلية والفلاحية بات يؤرق ساكنة عدد من الجماعات، وعلى رأسها جماعة آيت عميرة وسيدي بيبي، في ظل غياب رؤية واضحة وحلول شاملة.
وأوضح مستور في تصريح لـ”إعلام تيفي”، أن جماعة آيت عميرة توصلت قبل أشهر بـ80 حاوية جديدة، لكن تم تركها أمام مقر الجماعة لأزيد من شهرين دون توزيع، في خطوة اعتبرها “مجرد محاولة لامتصاص غضب الساكنة”، منبها إلى أن حوالي 25 حاوية قمامة ما زالت أمام مقر الجماعة.
وأضاف أن هذه الحاويات لم توجه سوى إلى المركز والشارع الرئيسي، في حين تركت الدواوير على حالها، بل تفاقم الوضع في بعضها، حيث ظهرت مطارح عشوائية جديدة وسط الضيعات الفلاحية، إلى جانب مطارح عشوائية خلف كل من مركز الدرك الملكي، والباشوية، والجماعة، والمقبرة، وداخل السوق الأسبوعي.
وأشار المتحدث إلى أن الجماعة تخصص العمال العرضيين موسميا لجمع النفايات، في حال زيارة بعض المسؤولين للجماعة، حيث يتركز عملهم في الشارع الرئيسي بالأساس، خاصة “بعد تنصيب العامل الجديد للإقليم، والذي يقوم بزيارات ميدانية سرية من حين لآخر”، لافتا إلى أن الإقليم يعاني بشكل عام، خصوصا وأنه فلاحـي، مما يضاعف من حجم النفايات وتنوعها بين المنزلية والفلاحية.
وتابع أنه طيلة يومين تم تنظيف الشارع الرئيسي للجماعة وجمع النفايات، لأن العامل أتى اليوم في إطار زيارة لتتبع أشغال دار الشباب بآيت عميرة.
وفي السياق ذاته، كشف مستور أن العامل الجديد لإقليم اشتوكة آيت باها باشر سلسلة اجتماعات مع رؤساء الجماعات والمصالح المعنية بالبيئة داخل هذه الجماعات، أفضت إلى اتفاق مبدئي لإحداث مطرح إقليمي إيكولوجي بجماعة وادي الصفاء، وبالضبط قرب دوار إداوكران، وهو مشروع كانت عدد من الجماعات ترصد له الاعتمادات المالية منذ سنة 2013.
وأكد أن المشروع، الذي رصد له غلاف مالي يناهز 168 مليون درهم، يتضمن إنشاء مركز لطمر النفايات، إلى جانب بناء خمسة مراكز لفرزها موزعة على خمس جماعات، لكنه شدد على أن “هذه وعود، ونحن ننتظر النتيجة”. قائلا: “أحيانا تتفاعل الجماعة مع بعض الفيديوهات التي توثق انتشار الأزبال وتقوم بجمعها، لكننا بحاجة إلى خطة واضحة ومستدامة، لأن الوضع البيئي مقلق ويزداد سوءا.”
وختم مستور تصريحه بالتأكيد على أن الساكنة لم تعد تحتمل الحلول الترقيعية، داعيا إلى إطلاق سياسة بيئية حقيقية تضع صحة المواطنين وكرامتهم في صلب أولوياتها.