الوكيل القضائي للمملكة: المنازعات المرفوعة ضد الدولة عبء مالي على ميزانيتها

إيمان أوكريش
كشف عبد الرحمان اللمتوني، الوكيل القضائي للمملكة، أن المنازعات المرفوعة ضد الإدارات العمومية باتت تشكل عبئًا ماليًا كبيرًا على ميزانية الدولة، مشددًا على أهمية اتخاذ تدابير وقائية للحد من هذا النزيف المالي.
وأوضح أن العديد من هذه القضايا تتكرر من قبل مؤسسات الدولة، مما يؤدي إلى هدر المال العام الذي كان بالإمكان توجيهه نحو تمويل مشاريع حيوية كالتعليم والبنية التحتية.
وجاء ذلك خلال محاضرة ألقاها بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال بالرباط، حيث أبرز أن الوكالة القضائية للمملكة قامت بتشخيص شامل قبل إطلاق مخططها الاستراتيجي 2024-2028، والذي كشف عن عدة أسباب رئيسية وراء ارتفاع عدد القضايا ضد الدولة.
ومن بين هذه الأسباب، ضعف التدابير الوقائية داخل الإدارات العمومية، إضافة إلى تكرار بعض المؤسسات للأخطاء نفسها التي تؤدي إلى رفع دعاوى قضائية ضدها.
وأشار اللمتوني إلى أن ضعف المعرفة بأدوار الوكالة القضائية، خاصة على المستوى الجهوي، يعد أحد العوامل التي تفاقم المشكلة، إذ إن بعض الإدارات لا تدرك الدور الذي تضطلع به الوكالة ولا تستفيد من خدماتها القانونية.
كما أن هناك قضايا لا يمكن للدولة تجنبها بسبب طبيعة النصوص القانونية المعتمدة، مثل نزاعات الملكية التي تفرض على الدولة خوض معارك قضائية لا مفر منها.
وتطرق الوكيل القضائي للمملكة إلى تأثير بعض المستجدات القانونية التي رفعت من مسؤولية الدولة، من بينها الفصل 122 من الدستور الذي ينص على حق المتضررين من الخطأ القضائي في التعويض، وكذلك القوانين المتعلقة بالعقوبات البديلة التي توسع من دائرة مسؤولية الدولة.
وفي سياق آخر، سلط المتحدث نفسه الضوء على الإشكالات المرتبطة بتدبير منازعات الدولة، مشيرًا إلى أن هذا التدبير يعاني من غياب التنسيق والمركزية، إذ أن العديد من الإدارات تتعامل مع محامين خاصين، ما يجعل من الصعب الحصول على صورة دقيقة حول حجم القضايا المرفوعة ضد الدولة أو معرفة الجهات المستفيدة من الأحكام القضائية.
وأفاد بأن المحاكم الإدارية تشهد تسجيل نحو 60 ألف قضية سنويًا، بينما لا يصل إلى الوكالة القضائية سوى حوالي 20 ألف قضية، مما يستدعي إعادة النظر في طريقة تدبير هذه النزاعات من أجل تحسين الحكامة القانونية والمالية للدولة.
وفي ختام حديثه، أكد اللمتوني أن معالجة هذا الملف تتطلب تنسيقًا محكمًا بين مختلف القطاعات المعنية، من خلال وضع استراتيجية مبنية على الوقاية من النزاعات وترشيد النفقات العمومية، مع ضرورة تطوير آليات التتبع والتقييم لضمان تحقيق نتائج أفضل في إدارة القضايا المرفوعة ضد الدولة.