الوهم الرقمي..حين تتحول زيادة المتابعين إلى فخ مالي ومصداقي

فاطمة الزهراء ايت ناصر 

في الوقت الذي يتزايد فيه الإقبال على منصات التواصل الاجتماعي وتحقيق الربح عبرها، برزت موجة من الإعلانات التي تقدم نفسها كاختصار للطريق نحو الشهرة زيادة المتابعين، رفع المشاهدات، وتجاوز شروط تحقيق الدخل في أيام قليلة.

غير أن هذه الخدمة السريعة ليست سوى باب من أبواب النصب الناعم، الذي يستغل رغبة المستخدمين في الوصول السريع، ليقدم لهم في النهاية خسارة مضمونة بعد أن يكون قد استنزف جيوبهم وصدقوا وهما لا علاقة له بالنجاح الحقيقي.

كثيرون يقعون في هذا الفخ بسبب الأسعار التي تبدو في البداية مغرية للغاية ،شخص اسمه (م.س)، صاحب قناة صغيرة على تيك توك، يروي أنه اشترى باقة أولى بـ39 درهما فقط للحصول على ألف متابع إضافي.

يقول ل”إعلام تيفي”: “قلت ما غادي نخسر والو، غير نجرب… ملي شفت الرقم طالع فرحت، ولكن من بعد بقيت ندور فهاد اللعبة، كنعود نزيد، كنشري باقات أخرى، وفجأة لقيت راسي صرفت أكثر من 700 درهم ف أسبوع وما تبدل حتى شي حاجة فالقناة”.

تجربة هذا الشاب ليست استثناء، بل نموذجا متكررا بين زبناء هذه العروض، حيث يبدأ الأمر بدرهم معدود وينتهي بفاتورة كبيرة دفعوها دون أن يجنوا عائدا واحدا.

ولا تتوقف الخسارة عند المال فقط؛ بل تمتد لتضرب مصداقية الحساب، المتابعون الذين يحصل عليهم المستخدم بهذه الطريقة ليسوا أشخاصا حقيقيين، بل روبوتات أو حسابات غير نشطة هدفها الوحيد هو رفع العدد الظاهر.

وهذا ما اكتشفته شابة تدير صفحة إنستغرام لبيع منتجات تجميلية، حين قالت: “زاد عدد المتابعين، ولكن المشاركات بقات قليلة، والناس بدات تشك ف الصفحة، وكاينين اللي سولوني واش كتشري الفولو… من داك النهار نقصات الثقة بشكل كبير”. وهكذا يتحول الرقم الكبير إلى نقمة لا نعمة، إذ يفضح غياب التفاعل الحقيقي هشاشة الحساب ويجعل الجمهور ينفر منه.

الأخطر من ذلك أن منصات التواصل نفسها ليست متسامحة مع هذا النوع من النشاط. كثير من المستخدمين لاحظوا اختفاء أعداد كبيرة من المتابعين بعد أسابيع قليلة من الشراء، وهو إجراء تلقائي تقوم به خوارزميات المنصات. وبعضهم تلقى تحذيرات مباشرة تهدد بإغلاق الحساب بسبب نشاط غير طبيعي.

ورغم كل هذه التجارب السلبية، تستمر الإعلانات في استهداف مستخدمين جدد عبر خطاب يعتمد اللعب النفسي: لا تضيع الوقت، حقق شروط الربح بسرعة، نتائج فورية، وهو كلام يلامس حاجة بعض صناع المحتوى للشهرة والربح، لكنه يخفي حقيقة أن المنصات لا تربح إلا من المشاهدات الحقيقية والتفاعل الواقعي، الأرقام المشتراة لا تجلب أي درهم واحد، بل قد تؤدي إلى تدمير الحساب بالكامل، والخسارة في الأموال.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى